بقلم: ﭽاكلين جرجس
دائما ما يكون الطفل هو محور اهتمام كل دول العالم المتقدم ، فتراعى معظم المؤسسات الثقافية والفنية مواصلة العمل على تشكيل هوية الطفل ورسم الخيوط الأولى لبنائه العقلي والتوعوي و الثقافى و لذلك أولت العديد من حكومات العالم أهمية كبرى لسينما الأطفال و بات صناع السينما و روادها يهتمون بشكل خاص بهذا المنتج السينمائى التربوي والتنويري البديع ، كما عمل الروائيين على التجديد الدائم فى أحداث رواياتهم وإضافة المزيد من عناصر الإبهار و الإبداع والتشويق لجذب المشاهد الصغير ،مما خلق حالة من التوازن الفكرى و الثقافى لدى متلقيها في العالم ، لذلك يُعد أدب الأطفال ضرورة وطنية وقومية وشرط لازم من شروط التنمية الثقافية المنشودة لأى دولة لمواجهة الغزو الثقافي والإعلامي الدخيل على قيمنا و مبادئنا ؛ كما أن الحاجة لهذا الأدب ضرورة تستدعيها إرادة بناء الإنسان العربي بالدرجة الأولى خاصة وإن ثمة تحديات تواجه الثقافة والتربية العربية في ظروف التحول الاجتماعي الخطيرة و التحديات التي تشهدها المنطقة العربية و كون العالم أصبح قرية صغيرة ،و من هنا كان لأدب الطفل الاولوية فى وسائل الإعلام بداية من ارتباط الطفل بأصوات عذبة لمذيعين و مذيعات على أثير القنوات الإذاعية مثل العظيم بابا شارو و العظيمة التى رحلت عن عالمنا هذا الشهر الإذاعية القديرة فضيلة توفيق أو كما نعرفها و نشأنا على صوتها الدافىء “أبلة فضيلة “ ،و الاستمتاع بالكتب المقروءة بجانب الافلام و المسلسلات التى يشاهدها الاطفال عبر التليفزيون أو الأن على شاشات الاجهزة الالكترونية .
معروف أن الطفل يتأثر بالمناظر المبهرة و تجذبه شاشات التليفزيون أو التليفونات الحديثة لكن من المؤكد أيضًا أن اجيال تربت و نشأت على الصوت فقط و نسجوا بخيالهم شخصيات لحكايات أبلة فضيلة عاشوا معها سنوات و كونت شخصياتهم و وعيهم من خلال برنامج “غنوة وحدوتة”، والتى استضافت خلاله شخصيات كثيرة ومن أبرزها، الكاتب الكبير نجيب محفوظ، والروائى أنيس منصور، والدكتور فاروق الباز، والفنان محمد عبد الوهاب، والشاعر كامل الشناوى، والملحن سيد مكاوى، والمطرب عبد الحليم حافظ، والدكتور يحيى الرخاوى ، بصوتها العذب كانت ترسم حياة أخرى و كأنها تحلق فى سماء الخيال مع الاطفال بقصصها واغانيها مع شخصيات ملائكية لا تعرف الكذب والغش والتحايل، ومن أشهر حكايتها للأطفال، “كوب اللبن”، “بنت الفلاحة”، “الكتكوت الصغير”، “أرنب وتعلب”، “المقشة الصغيرة”، “أبيض وأسود”، “شغل بابا”، “كراسة الرسم”، “القطة مشمشة” ثم تنتهى بختام الحدوتة بالحكمة أو النصيحة التى كنا نراها وكأنها تعاليم الأبلة التى ينبغى الالتزام بها فى التعامل مع الآخرين .
صحيح أن ما كان يناسب اطفال الزمن الماضى لا يتناسب مع تطور العصر الحديث لكن تبقى الحدوتة هى بطلة أدب الاطفال يعشقها الكبار و الصغار فكان لابد أن تتطور هى الأخرى بتطور المجتمع و معطيات العصر ؛ لذلك أرى أن الكاتبة سماح أبو بكر عزت تمسك بخيوط القصة و حبكتها بشكل يواكب الأحداث الحالية فقدمت للطفل معلومات مبسطة عن قطار تنمية مصر بمجموعتها القصصية عن أهداف التنمية المستدامة للأطفال بهدف تبسيط مفهومها وإلقاء الضوء على أهمية التنمية فى الجمهورية الحديثة ، كما أنها تؤمن أن القصة فى حد ذاتها يجب أن تكون جاذبة و وسيلة للتعليم ،و لصقل الخبرات ، و لتعديل السلوك فكتبت للأطفال قصص عن قضية التنمر ، الابتزاز الالكترونى و إدمان وسائل التواصل الاجتماعى و الحرب و كيف يتعامل معاها الاطفال ، إذن فالقصة أو الحدوتة يمكنها أن تتحول إلى موضوعات واقعية و تحدث بالفعل و ليست خيالية أو مجرد حواديت كلاسيكية و هذا هو الدور الحقيقى لأدب الطفل أن يقدم موضوعات واقعية فى القصة بشكل مشوق و جذاب .
تستحق الكاتبة المبدعة سماح أبو بكر تكريمها من السيد الرئيس في احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية “ المرأة المصرية.. إرادة الحياة” مارس ، ٢٠٢٣فهى الأم و السفيرة لشئون الطفل ، كما تم تكريمها من الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في يوم التفوق 29 مارس ذكري انتصار الإرادة المصرية في ملحمة السفينة إيفرجيفن، حيث قامت بالإشراف و التحكيم لمسابقة “القناة في عيونهم” لطلاب مدارس هيئة قناة السويس ،انطلاقًا من قصة “قنال لا تعرف المحال” الفائزة بجائزة خاصة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
و عليه نثمن تبنى مؤسسات الدولة فكرة انتاج أفلام للأطفال ذات محتوى تربوى و فنى و تقنية عالية تتناسب مع جيل الميديا و الانترنت ، وأن يبدأ المركز القومى لثقافة الطفل وصندوق التنمية الثقافية والهيئة العامة لقصور الثقافة فى الإعلان عن مسابقات لكّتاب روايات الأطفال و اختيار أفضل سيناريوهات لتحويلها إلى افلام مبهرة تضاهى افلام ديزنى ، كما نأمل فى مزيد من برامج الاطفال الهادفة و الجاذبة على التليفزيون والفضائيات و أيضًا التطبيقات الالكترونية خاصة و أن هذا الجيل هو جيل الانترنت ،كما أن لدينا المواد التاريخية المبهرة و الجذابة التى يجب أن نستثمرها و من المؤكد أنها ستساهم فى تكوين شخصية الطفل بداية من التاريخ الفرعونى و قيمه الراسخة و حتى الأن ، يمكنها أن تصل بالمشاهد الصغير إلى التمتع بقدر طيب من الثراء الفكرى و المعرفى والجمالي ، أؤمن أن المشهد الاجتماعي سيتحول تحول ملحوظ في المجتمعات العربية بعد الاهتمام بأدب الطفل و تقديم موضوعات و فن حديث راقى يرتقى باخلاقهم .