بقلم: سليم خليل
في أخر الثلاثينات من القرن الماضي تعرضت الصين للغزو الياباني الشرس بتفوق عسكري هائل ؛ وكانت الصين تعاني من حرب أهلية وصراع بين الشيوعيين والسلطة الحاكمة بقيادة الجنرال – شاي كان تشيك- الذي انسحب إلى جزيرة فورموزا تايوان حاليا ؛ مثلت تايوان الصين في الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية لغاية السبعينات من القرن الماضي عندما قررت إدارة الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون مصالحة الصين ومنذ ذلك التاريخ استرجعت الصين منصبها في المجتمع العالمي وبقيت تايوان محميَة أميركية مستقلة .
في هذه الأحوال المضطربة حققت اليابان إنتصارات سريعة في كافة المعارك بقوة عسكرية متفوقة أرضا وبحرا وجوا . في ذات الوقت كانت النازية الألمانية تنتصر على الأرض في أوروبا واحتلت عدة بلدان أوروبية . لم تكن في حينه الولايات المتحدة مشاركة رسميا في الحرب في أوروبا وفي الشرق الأقصى .
قررت الولايات المتحدة مساعدة الصين ضد اليابان بإرسال متطوعين من الطيارين المتقاعدين ؛ لم يكن أكثر المتطوعين من المحاربين وقيل إنهم تطوعوا نتيجة الإغراءات المالية أو متململين من التقاعد ؛ وأرسلت طائرات حربية لمقاومة الغزو الياباني.
كان عقد عمل المتطوعين مغريا جدا : ١٣٧٠٠ دولار شهريا زائد ٥٥٠ دولار تعويض غذاء وهدية ٧٠٠٠ دولار لكل طائرة معادية تتحطم؛ وشهر إجازة سنوية مدفوعة. في حينه كانت هذه المبالغ الشهرية كافية لشراء منزل فخم وعدة سيارات .
أول من وصل إلى الصين كان الكابتن كلير شينولت المتقاعد ليحضر القواعد والمطارات لقدوم القوة الأميركية المقاتلة مع العتاد والطائرات . نتيجة المغريات المادية تشكلت القوة اللازمة سريعا وانتقلت إلى الصين مع مئة طائرة نوع كرتيس أرسلت هذه الكمية بسرعة لتلبية الحاجة الفورية ؛ لم تكن الطائرات مجهزة
بالكامل للقتال ؛ لكن الكابتن شينولت مع المتطوعين استطاعوا في الصين تجهيزها قدر الإمكان للقتال واستطاع الطيارون إسقاط ٤٩٧ طيارة معادية يابانية لقاء ٧٣ طائرة أميركية طيلة الحرب لغاية دخول الولايات المتحدة رسميا الحرب ضد اليابان بعد الهجوم الياباني الشرس على قاعدة بيرل هاربور الأميركية في هاواي.
أطلق على فريق المتطوعين من طيارين و ميكانيكيين وفريق تزويد اطائرات على الأرض إسم النمور الطائرة .
تحدثت الصحيفة الرسمية لحكومة الصين عن فريق المتطوعين الأميركيين أنهم أنقذوا الصين وأطلق إسم النمور الطائرة الأميركية على عدد من الساحات والحدائق العامة في الصين تكريما لتضحياتهم بحياتهم في سبيل حرية الصين .
سجلت وثائق القتال أن الطيارين حاربوا بطائرات مجهزة ببنادق رشاشة من الصين ليست دقيقة كفاية للقتال السريع واتكل الطيارون ومساعدوهم في الطائرات على قدراتهم الشخصية لإسقاط هذا العدد الضخم من طائرات العدو .
حسب تقارير الخبراء قام فريق المتطوعين الأميركيين بعمليات دفاع عجائبية على الأرض في عمليات إصلاح الطائرات وتزويدها بالوقود والذخيرة للقتال في الجو لتحقيق النصر في الحرب الجوية التي امتدت فوق الصين وتايلاند وبورما.
بعد الهجوم الياباني الشرس على بيرل هاربر طلبت القيادة العامة للعمليات ضم فريق النمور الطائرة إلى الجيش ؛ لكن أكثرهم قرر التقاعد والبعض منهم بقي في الصين كمدربين ومتعاقدين لتزويد الصين بالعتاد وهذه الفئة أحرزت ثروات كبيرة .
أقيم متحف حربي بإسم الكابتن شينولت في مدينة مونرو في ولاية لويزيانا الجنوبية الأميركية تكريما لقيادته وانتصار فريقه في العمليات الحربية الصعبة ؛ كما أخرجت هوليوود فيلما حربيا جويا تمثيل جون واين الشهير تخليدا للمعارك الجوية وبطولات فريق المتطوعين بقيادة كلير شينولت .
حولت الصين القاعدة الجوية حيث أقام الكابتن شينولت قيادته إلى ساحة تاريخية تخليدا لقيادته ولتضحيات فريق المتطوعين الأميركيين .