بقلم : ﭽاكلين جرجس
عزيزي القارئ قد لا تتذكر اليوم الذي طالعتنا وكالات الأنباء والعديد من مواقع الإنترنت بصور وتعليقات حول خبر نشر إعلان تم إعداده على شكل لافتات ضخمة مثبتة على أكثر من 800 حافلة تجوب شوارع لندن يحمل عبارة واحدة “ الله قد لا يكون موجوداً ، كفوا عن القلق وتمتعوا بحياتكم “ ؟ !!.. و بالطبع هي عبارة لا تنطلق إلا من بشر ملحد يحمل دعوة كافرة بوجود الله حتى لو أضاف للعبارة “ قد “ عبر تشكيك غير مقبول من أي مؤمن ينتسب إلى أي دين أو عقيدة ، بل هي تحمل رسالة أكثر كفراً وبشاعة عندما يتم تصوير أن الحياة بعيداً عن الله العلي القدير يمكن أن تكون ـ وحاشا لله ـ ممتعة وكأننا أمام صوت الشيطان متجسداً في لافتات تجوب العاصمة البريطانية ليل نهار .. ورغم رفضي ورفضك عزيزي القارئ للعبارة وناشروها وممولوها حتى لو كان هناك إدعاء بأن تلك الفعلة الشريرة جاءت بدعوى العمل على فصل الكنيسة عن الدولة في بريطانيا ، وأنهم يدعون أنها مجرد عبارة تثير الابتسام وكأنها بمثابة دُعابة ، فإنه أمر بشع وممجوج ،ينحدر بنا الى القاع بدلاً من أن يسمو بعقدائدنا ويترقى باخلاقنا.
فالملحد ينكر وجود الله وهو اتجاه ليس بجديد. الامر الذي تحدث عنه داوود النبى قائلاً “قال الجاهل في قلبه “ليس اله” ( مزمور 1:14) ؛ اى منذ حوالي 1000 سنة قبل الميلاد يذكر الألحاد –وهو أولي الخطايا وأخطرها. وما أكثر الخطايا التي تتولد عن الإلحاد! من الصعب أن تحصي.. فالالحاد مرض يتفشى فى جسد العالم ككل فاصبح عدد البشر الذين لا يدينون بأي ديانة يتفوّق على عدد الهندوس في العالم. وهذا ليس أمرا هيّنا على الإطلاق. تخيل أن اللاديانة تأتي ثالثا بعد المسيحية والإسلام. بعدد يقارب المليار ونصف بشري، وهو رقمٌ بعيد كل البعد أن يكون قلّة؛ كما تبين الأحصائيات الحديثة إن أعداد الملحدين فى ازديادٍ مستمر ، فوفقا لتصريحات دار الإفتاء المصرية في يناير 2014، هناك نحو 866 ملحداً في مصر!
وفى نفس العام، عممت عدة وسائل إعلام سعودية دراسة أجرتها مؤسسة “وين غالوب الدولية للأبحاث” كشفت فيه أن “خمسة في المئة من السعوديين قالوا إنهم كانوا ملحدين”، أي في بلد يبلغ عدد سكانه 29 مليون نسمة. والإلحاد نوعين: أحدهما ينكر وجود الله. والثاني هو الذي يرفض هذا الإله أو يتهكم عليه وينتقده.. والإلحاد الرافض لله: إما أن يرفضه لسبب شهواني. أو لسبب اقتصادي. فالذين يرفضونه لسبب شهواني. يرون أن الله يقف ضد شهواتهم بوصاياه التي تمنعهم عن التمتع بخطايا معينة. فلماذا يقبل الناس علي الألحاد و يتخلى البعض عن الله ؟ وهل الألحاد اتجاه عقلاني كما يدعي الملحدون؟
لعل من أهم الأسباب التي دفعت الإنسان إلى الإلحاد هو تعرضه للظلم وطغيان، وافتقار للحب، والغرق في الشهوات، و السقوط في الكبرياء، كما ان هناك أسبابا أخرى يمكن أن تتسق مع السياق السياسي في العالم العربي، أبرز تلك الأسباب هي ممارسات الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنتهج الوحشية والترهيب والذبح باسم الإسلام والتي صّدرت مفهوماً مشوهاً لتعاليم الدين، ورسخت صورة وحشية قاتمة له، مما نفر عدداً من الشباب من الإسلام ودفعهم إلى الإلحاد.
وكما إنه لكل ديانة دور عبادة ومنابر للخطاب و الوعظ فى نفوس المؤمنين كذلك ايضاً الملحدين لهم منابرهم التى انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعى و السموات المفتوحة التى جعلت العالم كله قرية صغيرة فسهلت المهمة لتلك الثعالب الصغيرة للنهش فى جسد المؤمنين عن طريق فيسبوك وتويتر ويوتيوب والمدونات وهي الوسائل الإعلامية الأكثر تداولا بين الملحدين العرب لعدم كشف المستخدم عن هويته .
ويحتوى فيسبوك على العديد من الصفحات التي تدعو الملحدين العرب إلى الانضمام إليها.
ويتنوع محتوى النقاشات التي يجريها أصحاب هذه الحسابات، فبعضهم يقول إنهم يريدون “هدم خرافات الدين باستخدام العقل”، أما على” يوتيوب”، أنشأ بعض الملحدين العرب العديد من القنوات التي تجذب آلاف المشتركين. وغالبا ما ينشر أصحاب هذه القنوات مقاطع فيديو ضد الاديان تحمل عناوين مثل: “خرافات الدين”.
ويُعرف موقع “تلفزيون “العقل الحر” على الإنترنت بنفسه على أنه “إحدى وسائل الإعلام العلمانية عبر الإنترنت التي تهدف إلى تقديم أخبار بعيدة عن هيمنة الرقابة الدينية والحكومية إلى شعوب الشرق الأوسط والعالم”.!
والان وبعد أن أصبح شباب العالم العربى فريسة سهلة للالحاد و الملحدين نحتاج الى حملة موجهة للشباب من الكنائس بجميع طوائفها و الازهر الشريف للتصدى لمثل تلك الهجمات الشرسة على الاديان ، حيث أطلقت وزارة الشباب المصرية بالتعاون مع مؤسسة الأزهر مبادرة لمواجهة “التطرف والإلحاد”كما كان للكنسية دورا فعالا من خلال ندوات و دورات للشباب تقوم على مقاومة الالحاد باستخدام نظريات التعلم من خلال الشرح والتوضيح بأن العلم والايمان يكملان بعضهما البعض وليسا متناقضان وان معرفة النظريات العلمية الحديثة تسهل فى تبسيط مفاهيم جدلية فى المقاومة والالحاد. وان معرفة العلوم هى لتمجيد عمل الله، وإنشاء قنوات فضائية للرد على الافكار المغلوطة وتصحيحها، وعمل لقاءات مباشرة للاجابة على التساؤت، و الترغيب فى الانغماس فى بيوت الله والتفاعل الاجتماعى الايجابى مع الشباب .
إن الطفل يولد وبالفطرة مؤمناً بوجود الله يتوارث ديانته من والديه فعلينا ان ننمى ونغرس فيه محبة الله والدين ، قد تختلف أسماء الله في شتي الديانات؛ لكن الإيمان بالله أمر ثابت ؛ فللكل قناعاته وحدسه الذي يجبره على الإيمان بوجود إله، كما أن الموروثات الثقافية والعادات الدينية التي يمارسها المتدينين لن تختفي أبدًا، وطالما أن عقل الإنسان لازال يفكر فإنه سيهتدي دائمًا إلى وجود إله يحكم هذا الكون.