بقلم: كلودين كرمة
كبرياء الانسان وكرامته وسعادته هم وحدة واحدة وهم القوة الخفية الكامنة داخله التى تدفعه للصمود والمقاومة والمضى قدما بل وتدفعه للسير فى مواجهة التيارات المضادة فلا يكل ولا يمل ولا يسلم ولا شئ يثنيه عن تحقيق هدفه وتجسيد اماله.
ولكن مع متطلبات الحياة التى لا تنتهى والضغوط النفسية التى تتمثل فى احتمال الكثير من المشقات وتقديم التنازلات الواحدة تلو الاخرى والخضوع لقوانين المجتمع غير المفهومة وحتى قوانين العمل المتعسفة او لإحكام القانون العام التى فى كثير من الاحيان لا تنصف المظلوم ولا تساعد فى رد الحقوق الى أصحابها مع كل هذا قد يفقد الانسان الكثير من الحماسة والرغبة فى انجاز اعماله بالمستوى المطلوب ويتعرض لحالة من الاحباط واليأس فيتساوى عنده الحق بالباطل و الخير بالشر والصدق بالكذب فلا يعود يدقق فى حساباته وتصرفاته ولا يمعن التفكير ( بما انه يصبح بلا جدوى ) فإن الامور تتساوى أخيرا ومن يسعد ليس بالضرورة هو من استخار ربه او تمسك بمبادئه او من اهتم بإسعاد المحيطين به او من سهر الليالى سعيا الى الرفعة والنجاح او من اجهد نفسه فى الوصول الى هدفه وتحقيق احلامه..فيمكن لأخر ان يختصر كل هذا التعب ويلجأ الى طرق ملتوية فيصل بسرعة السهام الى اعلى المراتب ويحقق أكثر مما كان يخطر بباله ويصبح فى مكانة مرموقة ويكون مميزا بين اقرانه بالرغم من انه فعليا لا يقدم الا القليل ولا يرهق نفسه فيما يفيد ولكن يعرف ان يجذب الانظار اليه ويعظم شأنه ويفخم من انجازاته فيحصد الكثير من التعظيم والتبجيل .
واشبه ذلك بالطالب الذى يقضى اوقاته فى مايلهى ولا يفيد ثم قبل حلول موعد الامتحان بايام قلية يبدأ فى البحث عن اشخاص يمكنهم ان يجنبوه الفشل حتى يظل فى نظر من حوله انه انسان ناجح بل متفوق وخارق الذكاء لانه برغم عدم بذل اى مجهود يحصل على أعلى الدراجات فيتعاظم ويتفاخر ويقلل من شأن من سهر الليالى الطوال حتى يحصل هذا الكم الهائل من المعلومات.وهذه النماذج للاسف منتشرة بقدر كبير فيعتلون المراكز بأساليب ملتوية ثم لا يحققون اى شئ ذو قيمة ونفع لمجتمعهم ووطنهم ولكن باستخدام سلطاتهم يأمرون وينهون ويستغلون من هم ذو قدرات حقيقية لتغطية فشلهم واذا فشلت ادارتهم فيلقون اللوم على تكاسل وتواكل الموظف المطحون بين حجرى الرحى فيزيدون شقاؤه شقاء وتزيد احبطاته من احزانه.
هذا على الصعيد الاجتماعى الذى يعانى منه افراد المجتمع وهو برغم مساوئه وإضراره الكثيرة الا انه اخف وطأة من الشعور بالقهر وقلة الحيلة مع افراد العائلة ..لان المعاناة الاولى تصدر من اناس اغراب ليس بينهم ترابط حقيقى او عشرة او اى مشاركة فكرية او وجدانية فهؤلاء اشخاص فرضتهم ظروف الحياة وأحكام الضرورة ..اما الجانب الآخر فهم اقرب واحب الناس الينا بيننا وبينهم ماضى مشترك وحاضر نبنيه سويا ومستقبلا نتشاطره معاً ونسعى لجعله مشرقا وفى ابهى صوره ، جنبا الى جنب ويد بيد ، ولا يمكن لنا ان نتباعد وإلا ستنهار الاركان الاساسية ويهتز حجر الزاوية ويكون علينا ان نبدأ من جديد وهذا ليس بالشئ السهل ابدا..لان مع اعادة محاولة البناء نكون محملين بالهموم والأحزان والندم على ما فات والتحسر على ما فقدناه وهذا يؤثر بشكل فعال على اسلوب التفكير ويجعلنا نعيد حساباتنا ولكن فى معظم الاحوال نكون حزيرين بشكل مبالغ فيه يجعلنا نشعر بالخوف وعدم الامان وبالتالى يؤثر هذا على ثقاتنا فى من حولنا سواء اصحاب او اقارب او غرباء.
فان القهر هو الوجه الاخر للعبودية ..فقد تردد عبارات كثيرة تعبر عن حرية الانسان فى التفكير والتعبير عن الرأى واتخاذ القرار.
ولكن فى الحقيقة هى مجرد كلمات اذا ظهرت حروفها بقوه وأصبح لها صدى يدوى فان عواقبها وخيمة حتى وان صغناها فى الطف الكلمات وبطريقة مهذبة وان اخذنا فى الاعتبار المراكز وحفظنا المقامات..
فمن الصعب ان ننتقد او نعترض ففى المجال السياسي ربما يصل الامر الى الاعتقال و فى مجال العمل يؤدى الى الفصل و بالتالى عدم وجود مصدر الرزق الحلال وإننا لا ندعى كذبا اننا نضحى بالمال من اجل اثبات وجهة النظر وصواب الرأى ومناقشة الاسباب والنتائج.. وإلا كيف يتسنى لنا ان نفى بالتزماتنا..اما داخل الاسرة التى هى نواة المجتمع اذا حلت العبودية فإنها تجعل من الرجل انسان منهزم لا يقوى على ادارة بيته وتجعل من المرأة انسانة ذليلة تشعر وكأنها مأجورة او انها تعمل بالسخرة اما بالنسبة للأبناء فينشاؤون مترددين غير قادرين على اتخاذ اى قرار ذو تفكير مشتت وشخصية غير محددة المعالم..فيسود جو من الغموض والجفاء اذا ان كل فرد يشعر بالظلم لإنه يضحى والأخر يستفيد او احدهم يعطى والأخر يستمر بالأخذ… والأخطر ان الذى يأخذ ويستفيد لا يقدر ولا يشكر وكأن مسؤولية العطاء تقع على عاتق فرد بعينه وتقديم التنازلات واجب حتمى على من يقدمها!!.
فلا يمكن ان تستقيم الامور هكذا وان كنا نعانى من خلل فى مجتمعنا فلا بد ان نعى ان التسلط والتحكم واستخدام النفوذ والقوى اذا كانت مادية او فى صورة ضغط نفسي هى من اهم اسباب الانهيار اذا قد نتعود ان نساق ونخشى الكلام والا!!!