بقلم: الدكتور غازي الفنوش
داء السل ليس مرضا حديثا، فقد اظهرت بقايا الهياكل العظمية أن البشر في عصور ماقبل التاريخ كانوا يصابون بالسل وخير دليلٍ على ذلك ما وجده الباحثون من إصاباتٍ بالعمود الفقري بمرض السل في الموميات المصرية التي يرجع تاريخها إلى 2400 قبل الميلاد
مرض الدرن شديد الخطورة تسببه بكتريا مُعدية تُصيب الرئتين، وقد تنتشر في مناطق أخرى من جسم الإنسان كالمفاصل والعظام والفقرات، والدماغ والكليتين. وبحسب تقارير مُنظَّمة الصحَّة العالميّة، فقد تم تسجيل أكثر من 10 ملايين حالة إصابة بالسل في عام 2015 ووفاة مليون ونصف حالة. هذا وبعد أن تمت السيطرة عليه عاد للظهور من جديد في السنوات الأخيرة وذلك بسبب انتشار مرض نقص المناعة (الأيدز ).
يُمكن أن يُصيب داء السل الفئات العُمريّة جميعها. وهو ينتشر غالباً في الدُّول النامية وذلك لانتشار الجهل والفقر وسوء التغذية، كما ويُعد السبب الثاني للوفاة بالامراض المعدية بعد مرض الأيدز. السل الرئوي نوعان: كامن ونشِط.
- السل الكامن : وفيه تكون البكتريا في حالة خمول وعدم نشاط، فالجهاز المناعي يعمل على إيقافها وبالتالي لاتظهر أعراض المرض. ، لكن قد تتحول هذه البكتريا من حالة الكمون إلى حالة النشاط عند ما تضعف مناعة الشخص، مثلاً حين إصابته بمرض نقص المناعة (الأيدز )، وكذلك في حالات الإصابة بداء السكري المزمن غير الخاضع للمعاجة الصحيحة. كما وينتشر عند مدمني المخدرات والكحول وعند الأشخاص الذين يتناولون الادوية التي تحتوي على الكورتيزون لفتراتٍ طويلة، أو متناولي الأدوية المضادة للسرطان التي ثؤثر على المناعة .
- السل النشط : وفيه تكون البكتريا في حالة نشطة وتسبب ظهور أعراض المرض. هناك إمكانية نقل العدوى للاشخاص الذين يحيطون بالمصاب، وذلك نتيجةإستنشاقهم بكتريا الدرن التي يحملها الرذاذ المنتشر في الهواء أثناء سعال وعطاس المصاب. وغالبا ما ينتشر مرض السل في الأماكن المزدحمة كالمدارس والسجون والملاجيء.
أعراض مرض السل:
لا تظهر أعراض السل مالم يتحول المرض من الحالة الكامنة إلى الحالة النشطة للبكتريا. عندئذ يشعر المصاب بالإرهاق والتعب الجسدي العام، مع فقدان للشهية وبالتاالي الوزن. كما ويصاب بحمّى شديدة وتعرُّق ليلي وسعال يستمر لمدة اكثر من ثلاثة اسابيع مع بلغم قد يكون مشوبا بالدم، . هذا وفي حال اصابة العمود الفقري فإن المريض يعاني من ألم في الظهر. وفب حال أصابة الكلى بالمرض، فسيكون العارض الرئيسي خروج دمٍ مع البول .
تشخيص مرض السل : - بفحص المريض سريريا .
- فحص الصدر بالاشعة .
- فحص البلغم لتحديد وجود بكتريا السل به .
- اجراء إختبار التيبركلين على جلد الذراع ثم مشاهدة التفاعل الذي يحصل بعد ثلاثة أيام من الحقن، لمعرفة ما إذا كان الإختبار ايجابي أو سلبي .
- فحص الدم لقياس الأجسام البروتينية المضادة والناجمة عن تفاعل جسم المريض مع البكتريا المسببة للسل .
الوقاية من انتشار الدرن :
تتمّ الوقاية بعزل المريض في غرفة خاصة وتهويتها بإستمرار، وتغطية الانف بكمامة، وأخذ لقاح الدرن ( BCG) للأطفال. وقد حقق هذا اللقاح أول نجاح حقيقي في مجال التحصين ضد السل عام 1906 وذلك بإستخدام عصيات سل مضعفة من السل البقري. وهناك عدد من اللقاحات الجديدة قيد التطوير .
علاج الدرن :
يتم علاج مرض السل دوائيا بإستخدام المضادات الحيوية لقتل البكتريا المسببة لهذا المرض. وينبغي على المريض أخذ تلك الأدوية لفترة تتراوح بين ستة إلى تسعة أشهر، وهذه الأدوية تشمل على ايزونيازيد ( Isoniazid)، مع ريفامبيسين ( Rifampin ) و الاثامبوتول (Ethambutol ). يحتاج المريض إلى عدة اسابيع قبل أن يبدأ الشعور بالتحسن، وينبغي عليه المواظبة على استعمال الدواء حتى وإن اختفت الأعراض إلى أن يتم الشفاء من المرض كليا. ففي حال عدم استعمال الأدوية بشكل منتظم وبجرعات كافية، قد تظهر سلالات من بكتريا السل المُقاومة للأدوية، والتي تهدد الصحة العامة وتتطلب علاجاً لمدة أطول وأدوية أكثر كلفة.
يتم الإحتفال سنويا بذكرى اليوم العالمي للسل الموافق 24 اذار / مارس لرفع مستوى الوعي عند الناس، والتذكير بالعواقب الصحية والاقتصادية والإجتماعية المترتبة على وباء السل، وتعزيزا للجهود المبذولة بشأن انهائه من العالم، وهو نفس اليوم من عام 1882 الذي أعلن فيه الدكتور روبرت كوخ عن اكتشافه للبكتريا المسببة لمرض السل .