بقلم: هيثم السباعي
توقفنا بالعدد الماضي عند محاولة سبر أغوار الأهداف الفعليه غير المعلنه لتنظيم داعش الإرهابي والتي سنلقي نظرة عليها اليوم.
لوحظ أن التنظيم كان ولايزال يهاجم الفصائل المسلحه المعارضة للنظام السوري، بصرف النظر عن إنتماءاتها وولاءاتها. يعتقد الكثيرون أن تنظيم داعش الإرهابي إستمرار لتنظيمي طالبان والقاعدة، وعلى ذمة بعض المحللين سياسيين وصحفيين بأننا (سننعم) بعد القضاء عليه الذي بدأ بعد نقل إرهابه إلى قلب أوروپا. بعد إنتهاء مهمته، بتنظيمين جديدين أو أكثر بتسميات مختلفة. هذا يعني أن مسلسل تشكيل التنظيمات الإسلامية المتطرفه لم ولن ينته. نعود للحديث عن الأهداف الظاهره للتنظيم. أعتقد أن هدفه الرئيسي هو الإساءة إلى الدين الإسلامي وإبرازه أمام المجتمعات الغربية على أنه دين القتل والعنف والإرهاب. فالطريقة التي كان ولايزال يمارسها أعضاء التنظيم بالقتل من قطع للرؤوس أو الحرق (الطيار الأردني) أو السحل والتمثيل بالجثث وتعليقها على أعمدة الكهرباء (عالم الآثار الكبير المرحوم خالد الأسعد) وصلبها بصرف النظر عن أعمار الضحايا لايقدم عليها إلا عتاه المجرمين. وللتأكيد على الإرهاب الإسلامي إتهام كل من يخالفهم الرأي بالفسق والفجور أو الرِّدَه. ليس هذا فقط بل نقلوا إرهابهم إلى خارج حدود دولتهم المزعومة، إلى أوروپا في نيس (٨٦ قتيلاً) وپاريس (١٣٠ قتيلاً) وبروكسل (٣٢ قتيلاً) وإلى أفريقيا في تونس في منتجع سوسه (٣٠ قتيلاً) وقبلها في متحف باردو (٢٤ قتيلاً ) وفي برلين (١٢ قتيلاً و٥٠ جريحاً). نجح التنظيم نجاحاً باهراً بإيصال هذه الرساله إلى أوروبا وأميريكا بدليل صعود اليمين المتطرف في كثير من بلدانها وإرتفاع نسبة جرائم الكراهيه والرهاب الإسلامي بمئات المرات وبشكل غير مسبوق.
ممارسات التنظيم الإجرامية هذه قدمت للدول الغربية وروسيا الإتحادية، على “صينية من ذهب” مبررات التدخل بالشؤون الداخلية لمنطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن التداعيات الجانبية لهذا التدخل من إستمرار دوران عجله المصانع الحربية.
أكره الحديث بالطائفية لأنني لم أعرفها لا في البيت ولا في المدرسه ولافي حياتي العامة، ولكنني، مع الأسف أجد نفسي مجبراً على ذكرها هنا لأنها تشكل جزءاً من الموضوع.
الهدف الثاني للتنظيم، على ماأعتقد نشر وتكريس الطائفية والتفرقة العنصرية وإعطاء الإنطباع محلياً ودولياً بخطر الإسلام السني تحديداً على الأقليات في المنطقة خاصة الوجود المسيحي. قام التنظيم بعمليات محدوده من إحراق لبعض الكنائس وإغتيال بعض الشخصيات المسيحية وإجبار عدد كبير من الأخوه المسيحيين على النزوح أو الهجرة من مناطقهم ومدنهم في سورية والعراق. إلا أن كبش الفداء الذي دفع ثمناً كبيراً لهذا البند من الأهداف هي الطائفة الإيزيدية التي لايتجاوز عددها ٣٠٠ ألف نسمة في منطقة سنجار الممتدة من العراق إلى سورية والتي قُتِلَ أعداد كبيرة من رجالها وسُبيت كافة بناتها ونساءها تقريباً واستخدمن في تجارة الجنس وتبادلوهن مقاتلوا التنظيم فيما بينهم بل عرضوا بعضهن للبيع ولايزال بحوزة التنظيم أعداداً كبيرة منهن.
الهدف الثالث للتنظيم هو نشر الفوضى وعدم الإستقرار في المنطقة. خير مثال على هذه النشاطات مايقوم به التنظيم في سيناء ضد قوات الأمن والقوات العسكريه في سيناء، وإسقاط الطائرة الروسية التي كانت تُقِلُّ سياحاً في طريق عودتهم من شرم الشيخ وإحتمال إسقاط طائرة مصر للطيران فوق البحر الأبيض المتوسط قبل وصولها إلى وجهتها بقليل، إذ وجد أثار مواد متفجرة، حسب رأي المفتشين على جثث بعض الضحايا. هذا لأن نشر عدم الإستقرارفي مصر يشكل جزءاً مهماً من برنامج الفوضى الخلاقه. أخيراً وليس آخراً، من اللافت أن التنظيم منذ ظهوره حتى اليوم لم يقم بعملية إرهابية واحده ضد إسرائيل أو إيران، رغم وصوله إلى القلاع الأوروبية والإفريقية، كما أنه لم يُشن هجوماً واحداً على قوات النظام أو الميليشيات الداعمة له بينما شن هجمات كثيرة على الجيش السوري الحر وجميع الفصائل المسلحة المعارضة للنظام، وطردها من المدن والقرى التي كانت تسيطر عليها. بهذا تحقق جزء كبير من نظرية وتوقعات أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارڤارد، صموئيل هانينغتون، حول صراع الحضارات والنظام العالمي الجديد والذي أكدته رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر بتصريحها في آخر زيارة لها لأميريكا في عهد الرئيس رولاند ريغان في مدينة دينڤر-كولورادو الذي قالت فيه: بعد إنهيار الإتحاد السوڤييتي، أصبح الإسلام عدونا. هل نعلم لماذا الإسلام؟ لأن العالم الإسلامي بثرواته الطبيعية والبشريه يشكل خطراً كبيراً على الحضارة الغربيه في حال إتحاده. لذلك يقوم الغرب بتأجيج الطائفية والحروب ويغذيها بشكل دائم خاصة بين الشيعة والسنه كما نراها اليوم بهدف إستنزاف ثرواتها القومية والبشرية.
في العدد القادم سنتطرق للحديث عن المصالح الإيرانيه في المنطقة بشكل عام وفي سورية بشكل خاص.