بقلم: إبراهيم كحيل
أهم معاقل داعش في الريف الشمالي الشرقي من حلب وسقوطها ماذا يعني للتنظيم فهي ليست بعيدة عن التطورات الميدانية في ريف حلب الشمالي والشرقي إنها جرابلس ربما هي بعيدة عن أنظار الإعلام قليلا بسبب هيمنة تنظيم داعش عليها والتعتيم الإعلامي الذي يمارسه في الأراضي الخاضعة لسيطرته ,لكنها تشهد تطوراً خطيراً في الفترة الأخيرة يرجح بأنها ستشهد عمليات عسكرية من نوع آخر في الأيام المقبلة , لاسيما مع اقتراب الفصائل الكردية من جهة الشرق غرب عين العرب ومن جهة الغرب من محور إعزاز وتحت غطاء جوي أمريكي لتصل المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد من عفرين إلى عين العرب إضافة أنها تتزامن مع تقدم الجيش السوري باتجاه الباب يجعل من هذه المدينة محط أنظار القوات الكردية والمتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة امريكيا .
جرابلس المدينة الحدودية مع تركيا تقع إلى الشمال الشرقي لمدينة حلب في أقصى الشمال السوري , من أولى المدن التي انضمت لتنظيم داعش بعد أن كانت جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا والعراق تسيطر عليها في أواخر نيسان عام 2013 وهي أولى المدن التي خرجت عن سيطرة الدولة السورية وسيطرت عليها النصرة ثم قامت بالانتفاض على سياسة تنظيم القاعدة ” جبهة النصرة ” في بدايات عام 2014 وبعد أسبوعين من الحصار استطاع تنظيم داعش السيطرة وعلقت آنذاك رؤوس مناهضيها ولتستمر تحت حكم رحمة التنظيم.
وما تناقلته وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية وعلى كافة المنابر من صور وفيديوهات تعبر عن وحشية هذا التنظيم والفكر الظلامي لقادته كون عناصره مغيبين عقلياً عن الواقع وذلك بسبب غسل الدماغ عبر الدين والحوريات تارة وعبر حبوب الهلوسة تارة أخرى
وإذا تساءلنا ما هي أهمية جرابلس دونا عن باقي المدن ليسيطر عليها داعش نرى انه تعتبر صلة الوصل بين الشمال والغرب السوري مع المناطق الشرقية بالإضافة لقربها من الحدود التركية ولذلك كله أصبحت لمدينة جرابلس أهمية لوجستية في محط الأنظار التركية بسبب التطورات الأخيرة في الريف الشمالي لمدينة حلب ,مسلحي “الجيش الحر” في جرابلس أصلا قسّموا إلى قسمين : الأول انضم إلى قوات سورية الديمقراطية تحت اسم بركان الفرات والقسم الثاني انضم إلى الألوية التركمانية واتخذوا من الأراضي التركية منطلقا لعملياتهم العسكرية وتحت قيادة تركية , يحضرون الاجتماعات في قلعة قرقميش المقابلة لجرابلس من الجهة التركية , القاعدة العسكرية التركية والمدعمة بالدبابات خلف عدد من السواتر , القاعدة من نتائج التعاون العسكري الإسرائيلي التركي , وهي تعتبر مقراً تقدم فيه المخابرات التركية دعما لوجستيا لمسلحي “لواء محمد الفاتح”و “حركة نور الدين الزنكي” و “لواء السلطان مراد “ذو الأغلبية التركمانية ومشرفة عليها بشكل مباشر لمحاربة القوات الكردية “سوريا الديمقراطية ”
دخول 15 آلية عسكرية تركية إلى جرابلس الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ليلة الجمعة في تمام الساعة العاشرة ليلا بتاريخ 22-1-2016 وبعد إطفاء الأنوار على طول الشريط الحدودي شكلت تطورا خطيرا ,ليست المرة الأولى فحسب بل وكانت قبل أيام قد دخلت إحدى كاسحات الألغام التركية إلى المدينة لإزالة الألغام التي زرعها احد عناصر التنظيم “الذي قتل في ظروف غامضة” حول المدينة , الألغام المزروعة درع تنظيم داعش في جرابلس لتعيق دخول القوات الكردية الى المدينة , يذكر أنه بحسب المعلومات بأن المدينة مفخخة بـ 50 طنا من المتفجرات والعبوات الناسفة في محيط وداخل المدينة , التدخل العسكري التركي إن دلّ على شيء فأنه على مايبدو أن هناك تنسيق تركي عسكري مع تنظيم داعش لمواجهة الأكراد في داخل الأراضي السورية وعلى مبدأ “عدو عدوي صديقي” , وبعكس النظرة الأمريكية الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية .
المعركة في ريف حلب الشمالي توقفت ما بين قوات سوريا الديمقراطية وباقي الفصائل المسلحة وبطلب أمريكي لمراعاة تمنيات اردوغان بحجة “حماية حقوق التركمان وحماية أراضيهم” لكن التطور الخطير ينذر بأن المعركة تتجهز لبداياتها وبشكل مختلف حتى وأن كانت سياسة تركيا تتعارض مع أمريكا حول دعمهم للمسلحين في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي
وهنا نتساءل هل انتهى دور تنظيم الدولة الإسلامية داعش في سوريا حتى تعلن صانعتها الولايات المتحدة الأمريكية محاربتها أم أن الضغط التركي بسبب أهمية تلك المنطقة لوجستيا لتركيا هي من دفعها لإقناع أمريكا بمحاربة داعش في تلك المنطقة ام ان الضغوط الروسية ومشاركتها في الحرب على الإرهاب في سوريا هي السبب أم أن هذه الأسباب مجتمعة هي التي جعلت أمريكا تعلن حربها على داعش في تلك المنطقة
المهم أن دور هذا التنظيم بدأ يتلاشى وبدأت تظهر قوى جديدة وبدعم أمريكي ومازالت أمريكا هي الحاضن و المبتكر لجميع أنواع الإرهاب في العالم .