بقلم: تيماء الجيوش
يحتفل العديد منا في مجتمعات مختلفة حول العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة . و لهذا هذا العام اَي العام ٢٠١٩ سيكون اللون البرتقالي ملوناً العديد من المباني و النصب التذكارية في العالم و سيكون العنوان للعديد من الفعاليات لهذا العام « العالم البرتقالي: جيل مساواة يقف ضد الاغتصاب».
معظمنا يعلم ان اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يقع في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام . وهو يُقام احتفاءاً و تخليداً لحياة الاخوات الثلاث ميرابال. هنّ ناشطاتٍ سياسيات و عاملاتٍ في الشأن العام و أيضاً كانوا مناهضات لحكم الديكتاتور تروخيلو في جمهورية الدومينيكان . صفعت وبشدة احدى الاخوات ميرابال واسمها مينيرفا الديكتاتور تروخيلو على وجهه عندما حاول هذا الأخير التحرش بها في احدى المناسبات العامة . تلا حادثة التحرش تلك تأسيسهن لحركة أطلقوا عليها أسم « حركة الرابع عشر من يونيو « و التي ضمت مجموعة من المعارضين للحكم التوتاليتاري فكان هذا سبباً لاعتقالهن و التعسف ضدهن في السجن و ليُفرج عنهن لاحقاً . كان زملائهن قد اختاروا لهن لقب الفراشات لحيويتهن و عملهن الدؤوب . على أية حال لم ينتهي الامر عند حد الاعتقال التعسفي فقد اصدر تروخيلو حينها اوامره باغتيالهن و بوحشيةٍ متناهية في الخامس و العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ١٩٦٠. لم يكن هذا غريباً على تروخيلو الذي احكم قبضته على الدومينيكان من خلال حكمٍ عسكري تحالف مع القوى الدينية و الأرستقراطية المحلية الذي مكنه من ان يعدم آلافاً من معارضيه . كان اغتيال الاخوات ميرابال من الأسباب القريبة التي أدت الى سقوط نظام رافائيل تروخيلو بذات العام اَي في العام ١٩٦٠.
قامت الامم المتحدة في العام ١٩٩٩ و تخليداً لذكرى الاخوات ميرابال بإعلان هذا التاريخ يوماً دولياً لمناهضة العنف ضد المرأة و هو بداية حملة الأيام الستة عشر والتي تنتهي باليوم العالمي لحقوق الانسان في العاشر من ديسمبر/ كانون الاول من كل عام لرفع الوعي العام حول اهمية مناهضة العنف ضد المرأة و خطورته و تأثيره على المجتمعات حيث يُعد الخرق الأكثر فداحة و تواصلاً لحقوق الانسان مهما اختلف الزمن سلماً أم حرباً.
تناسق اعتماد هذا اليوم مع الحملة اللاحقة للأمم المتحدة في العام ٢٠٠٩ وعنوانها «اتحدوا قل لا» و هدفها كان اصطفاف المجتمع المدني والنشطاء والدول مع حملة الامم المتحدة وأمينها العام لإنهاء العنف ضد المرأة متحدين و مجتمعين أفراداً و دولاً. لم يتوانى من انخرط في الحملة فقد ارتدى العديد اللون البرتقالي في رمزيةٍ مُشرقة و تضامناً أصيلاً مع المرأة و احترام مبدأ المساواة .
الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلانها القضاء على العنف ضد المرأة في العام ١٩٩٣ عرّفت العنف ضد المرأة بأنه: «أي فعل عنيف تدفع اليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.»
ولنا ان نستنج من هذا التعريف ان السبب الرئيسي للعنف هو التمييز ضد المرأة و الدونية التي تعانيها . ناهيك عن الحروب و الحروب الأهلية و الصراعات المختلفة و الظروف غير المستقرة للعديد من الدول التي فاقمت العنف ضد المرأة وزادت الوضع سوءاً . وفي الأزمات الانسانية يبرز و بوحشية التمييز القائم على الجنس الذي يتزايد بوتيرة سريعة و عميقة ممثلاً شرخاً يستلزم آليات حداثوية غير تقليدية .
ولعل من المفيد هنا ان نتزود بأرقام حقيقية صادرة عن الامم المتحدة عما يحدث للمرأة في العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين:
1- جرائم القتل بما فيها جرائم الشرف: امرأة من اثنتين قُتِلت على يد زوجها او احد أفراد اسرتها في العام ٢٠١٧.
2- في جرائم الاتجار بالأشخاص :٧١٪ من ضحايا الاتجار بالأشخاص هن من النساء. و ثلاثة من أربعة نساء او فتيات يتعرضن للاستغلال الجنسي.
3- الزواج المبكر: ٧٥٠ مليون امرأة و فتاة تزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشر. واحدة من كل ثلاثة تزوجت قبل سن الثامنة عشر وواحدة من تسعة تزوجت قبل بلوغها سن الخامسة عشر. هذا الرقم هو عدد ضحايا الزواج المبكر حول العالم قاطبة.
4- تتعرض واحدة من كل ثلاثة نساء و فتيات الى العنف الجسدي في حياتها من قبل الزوج او احد أفراد العائلة.
5- ٥٢ ٪ من النساء المتزوجات هن فقط من يتخذن القرار بشأن الإنجاب و الرعاية الصحية.
6- العنف هو سبب أساسي للوفاة و العجز لدى النساء حول العالم.
لماذا هذا الاهتمام المتزايد بالعنف ضد المرأة ؟
تم الإجماع من قبل المجتمع الدولي و هيئاته و هيئات المجتمع المدني ان أهداف التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها دون إنهاء العنف ضد المرأة . لا يمكن للسلام و المساواة و التنمية ان تمضي قدُماً دون ان تُحترم حقوق المرأة كجزءٍ اصيل من حقوق الانسان. على اختلاف هذه الحقوق السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، المدنية .
هذا الإجماع الدولي أخذ تماماً بعين الاعتبار فشل العديد من دول العالم في احترام حقوق الانسان و حماية المرأة من العنف و إنهاءه ما ادى بالكثير من النساء الى ثقافة الصمت و عدم الدفاع عن حقوقهن الاساسية و كرامتهن ناهيك عن مساواتهن . هذا الصمت سانده تشريعات لا تمت بصلة الى الحداثة و تعود في أحكامها الى قرون مضت. لن نتطرق الى دور القانون هنا لكن ان تكون القوانين مجحفةً بحق المرأة و من يرعاها و يحرسها هو نظام تقليدي اجتماعي أبوي يحرص تمام الحرص على استبعاد تغيير جذري في التشريعات هو بحق من أبلغ الصور عن هذا العنف. يبقى هناك القانون الدولي الذي تعوّلُ عليه الحركات النسوية و الاطار القانوني الأمثل في التشريع الدولي الحديث الا وهو اتفاقية CEDAW .
ما الذي تقوم به بلدنا كندا لحماية المرأة؟
تتبع كندا مساراً واحداً هو احترام حقوق الانسان و بناءً عليه فان الحماية الدستورية و التعليم و المؤسسات و البحث المجتمعي لها هدفٌ أوحد الا و هو القضاء على التمييز ضد المرأة. كما تعتمد كندا الكثير من التدابير التشريعية لتعزز هذه الحماية و تُكرّس مبدأ المساواة بين الجنسين من الأمثلة التي تحضرنا هنا :
الرعاية الانسانية لضحايا الاتجار بالبشر من النساء و الاطفال و فرض عقوباتٍ على جريمة الاتجار بالأشخاص تصل للسجن مدى الحياة و غرامة تصل الى مليون دولار
و العمل بشكلٍ صارم على عدم ادخال أطفال متاجر بهم الى الأراضي الكندية.
لنقف جميعاً يداً بيد لمناهضة العنف بالمطلق، لمناهضة العنف ضد المرأة. نحو غدٍ برتقالي مشرق نمضي.
اسبوع سعيد لكم جميعاً.