بقلم: الناقدة أحلام الأسيوطي
( الموضوع): امينة (يسرا) سكرتيرة لكوكيتا (جالا فهمي) التي تدير منزلاً للدعارة ، ويتردد على شقتها نخبة من كبار الشخصيات تصورهم أمينة بالفيديو في أوضاع مخلة بالآداب . يعود عمر (أحمد عز) الحب القديم لأمينة ويطلبها للزواج – تحاول أمينة الأستقالة من كوكيتا ، فلا توافق هذه الأخيرة وتتوالى الأحداث .
(التحليل والنقد) : قصة “جمال الغيطاني” سيناريو وحوار: بشير الديك” و”بسيوني عثمان” .
عزيزي القارئ ، هذه القصة قد تناولت من قبل ، والمعالجة لهذا الفيلم مختلفة لما فيها من بناء درامي مقبول نشأ من صراعات وأزمات بين الشخصيات . فقد ركز السيناريو على شخصيتين اساسيتين وهن أمينة وكوكيتا .
(أمينة) : فتاة جميلة لبقة لها قوة إرادة وصمود ، من طبقة تحت المتوسط . (قبل بداية الفيلم) تعيش مع والدتها (كوثر رمزي) وشقيقتيها نادية وسميحة دون عائل بعد وفاة الأب . أحبت عمر لكنه هجرها وتزوج بأخرى فأصبحت دون عائل أو عمل . تعرفت على كوكيتا التي عرضت عليها العمل عندها في إدارة أعمالها بعد أن علمتها .(في الفيلم) مر عشر سنوات على أمينة في هذا العمل وهو : سكرتيرة والذراع الأيمن لكوكيتا في إدارة أعمالها : منزل للدعارة للشخصيات الكبرى في البلد وتصويرهم بالفيديو (دون علمهم) حتى تضمن الأمان إذا غدروا بها .(الصراع) : عند عودة عمر ، بدا الصراع الصاعد في قلب أمينة بين حبها وعملها .
(كوكيتا) : الأسم، هو صفة فرنسية معناه ( العيئة التي تهتم بأناقتها كأنثى (Coquette) (قبل بداية الفيلم) فتاة جميلة احبت رفقى (مصطفى متولى) ولكنه تزوج من أخرى حسب تقاليد العائلة (مثل أمينة) فعاشت بلا قلب يرحم أحد .(ومع الفيلم) أصبحت سيدة مجتمع من الدرجة الأولى، معارفها من كبار شخصيات البلد الذين يجتمعون عندها لقضاء وقت ممتع معها أو مع الفتيات الصغيرات . حتى قابلت فؤاد بك (محمود قابيل) رئيس البوليس واستلطفته .
(الأزمة) : تغلب حب امينة لعمر على عملها ، فأرادت الاستقالة من كوكيتا . لكن مصالح كوكيتا تتعارض مع حب أمينة لعمر. فأمينة تعرف خصوصيات العمل وتعلمت اشياء لا تستطيع أخرى القيام بها وأصبحت (لكوكيتا) جزء لا يتجزأ منه . فتجبرها على الدوام معها . (الذروة) : وصلت أمينة للذروة عندما أرادت الزواج بعمر وكتبت رسالة الى كوكيتا بانها مستقيلة. فإذا بهذه الأخيرة تلفق تهمة لأمينة وبضبطها في شقة مشبوهة . ودخلت الحجز أمام عمر حبيبها وفقدته للأبد . ثم أفرج عنها . وعندما أرادت أمينة عتاب كوكيتا على تصرفها المشين تجاها – هددتها كوكيتا قائلة : “ انا مستعدة اشغل أخواتك (نادية وسميحة) في الدعارة وانت اللي حدخليهم للزبائن ومش حتقدري تفتحي بقك”.
هنا نجد (نقطة التحول) في شخصية أمينة جعلتها تنتقل من حالة فكر الخضوع والسكينة بلا معارضة ، إلى حالة فكر آخر الشجاعة للأنتقام بلا خوف ولاتردد. كيف ؟ أحبت كوكيتا فؤاد وفي نيتها الزواج . أرادت إلغاء ومسح الشريط الذي سجلته لها أمينة وهما في غرفة النوم . فإذا بأمينة تنصحها بالزواج به ، والشريط يظل كما هو إذا أحتاجته وقت اللزوم . أعجبت كوكيتا ببعد نظر أمينة للأمور ونصيحتها وشعرت أنها لا تستطيع الأستغناء عنها .
هنا نجد (الخطأ الكبير) الذي أرتكبته كوكيتا في حق نفسها . فهي نسيت بافصاحها عما يدور في خلدها أمام أمينة بتهديدها بأجبار (نادية وسميحة) للعمل بالدعارة وأمينة نفسها سوف تدخلهن للزبائن . وهنا اللاتان ضحت أمينة بحياتها لتربيتهن. ليس فقط ذلك بل (أخطأت) أيضاً بأنها أحبت فؤاد وتريد إزالة الشريط حتى لا يتعرض لأي خطر . وهي التي هدمت حب عمر لأمينة ورحل بلا عودة . (القرار) : تقديم أمينة للشرائط لكل كبار الشخصيات مقابل حمايتها وكان ذلك بمساعدة أمين شرطة بسطاوي (أشرف عبد الباقي) .(النتيجة) : تخلي كبار الشخصيات عن كوكيتا بلا دفاع بدافع من التوتر والخوف ثم قتلت بإنفجار سيارتها .
أظهر السيناريو مدى خطورة الشخصيات الكبار التي تتحكم في مصير الشعب بهدم مبانيهم لمجرد بناء نادي جولف . كذلك أعطاء شقق فاخرة كهدايا مثلاً “أمينة” او غيرها وأستغلال مراكزهم لأغراضهم الشخصية . أعطاء فرصة لأمناء الشرطة بالتحقيق في قضية الدعارة لكن عندما كان متورط بها كبار الشخصيات، فالإطاحة تكون للصغار وليست لكبار الشخصيات
(يؤخذ على الفيلم) . البعد الجسماني (لجالا فهمي) وصغر سنها يجعلها لا تصلح لهذا الدور فهي نحيفة وليست على ثقل الدور كانت أفضل (يسرا) لأن بعدها الجسماني يسمح وسنها في بداية الأربعين يجعلها ذات خبرة لكبار الشخصيات مثل : تحية كاريوكا – هند رستم –هدى سلطان – ميمي شكيب ( رحمهن الله ويرحم أيامهن) . كيف ان أمين الشرطة (بسطاوي) يقوم بمساعدة (أمينة) ويتعاطف معها بدلاً من القبض عليها، وهي التي تدير منزلاً للدعارة منذ عشر سنوات!! . مشهد الهجان عماد (خالد سرحان)تجره (أمينة) من الكرافتة وهو بملابسه الداخلية ، لم يكن له اي مبرر بالأحداث ، ولو حذف هذا المشهد يكون أفضل .
(الإخراج) “ ايناس الدغيدي” .
أخرجت فيلماً يحمل المعادلة الصعبة بين الموضوع الشائك وشباك التذاكر وقدمت (يسرا) في دور بلغت فيه من النضج الفني حتى أن أدائها الطبيعي حول الشخصية من إدارة منزل للدعارة إلى انسانة تعمل بجدية . وتعاني من آلام نفسية عميقة فنحترمها لأتقانها الدور ونتعاطف معها . أما جالا فهمي (وهي أبنة المخرج أشرف فهمي) فهي طاقة كبيرة يجب أن تثقل بدراسة التمثيل وتعمل في أدوار جادة حتى تنوع في الشخصيات وكنت أود أن نشاهدها في فيلم من اخراج والدها أشرف فهمي . وهي كانت صغيرة في السن لدور كوكيتا. كما قدمت ايناس مجموعة من الفنانين مثل : أشرف عبد الباقي (خفيف الظل) محمود قابيل مصطفى متولي – سيف عبد الرحمن وغيرهم . كان ديكور شقة كوكيتا مناسباً للمضمون ، كما نجد حركة الكاميرا ديناميكية سواء في المشاهد الداخلية أو الخارجية. وبدأت المخرجة الفيلم وختمته بشخصية فؤاد بك الذي يسأل عن موضوع كوكيتا وما ينسب له فكان رده (لاتعليق) وكان صوت ايناس الدغيدي في اللقطة الأخيرة بتأكيدها كلمة (لاتعليق) تؤكد رسالة الفيلم وهي أن طريق الرزيلة طريقاً مسدوداً وأداء يسرا كان محترفاً .