بقلم: عادل عطية
قاتل مع سبق الإصرار والترصد، بإسم غامض ومُنمّق، هو: «الثأر».هذه هي تهمته!
كان واقفاً في قفص الاتهام:رصيناً، وكأنه أرتاح من أوجاع قلبه المثقوب برصاص الإنتقام، ومتشاوفاً، وكأنه وقّع للتو وثيقة انتصاره، ومتباهياً، وكأنه أعطى قوة لمطرقة العدالة!
أما المحامي، الذي انتدبته المحكمة، فكان ما يزال يطلق ترهاته المزعجة، وكلامه المكرر المعلوك، وبات عاجزاً عن اثبات أن الرحمة هي مكافأة للممتهنين مهنة «الموت»!
في هذه الأجواء، المشحونةبالاستفزاز والتحدي، نظر القاضي إلى الجاني، وقد أعيته الدائرة اللانهائية من الثأر، والثأر المضاد، وقال بصمت، كمن يحادث تفسه: إن المغدور، الذى تطالبنا العدالة بالقصاص له، سبق واستخدم الموت نفسه كسلاح، وهو يعلم علم اليقين أن الدائرة سوف تدور عليه، وأن القاتل لا بد وأن يُقتل ولو بعد حين. إنه شخص اختار مسار الموت بإسم العدالة، فأخطأ في حق العدالة، وأصبحت حياته فارغة، وقصيرة، وروحه مُدانة.. فكيف تطالب العدالة بالقصاص من قاتله؟!
وواصل حديثه: ما الذي يدفعني الى الحكم على الماثل أمامي في القفص،بالموت، وهو حتماً سينال الموت في بوتقة الثأر والثأر المضاد المشتعلة أبداً دون خمود؟!.. ثم إنه شخص يبدو وكأنه يتمتع بسلطات أكثر مني، ألم يكن القاضي والجلاد معاً؟!.. فمن أنا، أنا القاضى، الذى يقوم فقط بعمل القاضي، حتى أحكم عليه؟!.. ثم أن ما قام به لا يرفضه الآخر، وهو «الثأر»!
رُفعت الجلسة، بينما ينتظر الجاني، ملاكاً، لا يرثي للمجني عليه، يعانقه في قفصه، وعند الموت!