الأديبة : إخلاص فرنسيس
حينَ يزورُني الوجعُ
لا يأبهُ بباقةِ الوردِ على الطاولةِ
ولا برسائلِ الحنينِ الممزّقةِ في سلّةِ المهملاتِ
حينَ يزورُني الوجعُ
لا يهتمّ إن كنت أرتدي فستانيَ الأزرقَ
أو الأسود أو الليلك
ولا بالعطرِ على معصمي
لكن يعضُّ على روحي بالنّواجذِ
يتحفُني بقصائدَ تزيّنُ جيدي بقلائدِهِ الباذخةِ
يتعلّقُ بأحبالِ صوتي، يمنع عنها حقّ المناداةِ باسمِكَ
مثلَ طفلٍ نامَ على صدرِ أمٍّ منعَها الموتُ من البكاءِ
حينَ يزورُني الوجعُ
ينكرُ عليّ حقّي في البكاءِ
يسلبُني دفءَ الدّمعِ والدّهشةِ
حينَ يزورُني الوجعُ
يتدلّى صوتُكَ أقراطاً من لؤلؤٍ أسودَ من أذني
الوجعُ ضيفٌ مزمنٌ،
لا ينسى مواعيدَهُ أبداً
يمارسُ واجباتِهِ بدقّة،
في أيّ وقتٍ يشاءُ يحسنُ أدبَ الضّيافةِ
يأتي حيثُ اختفى الآخرونَ،
يشاركُني تفاصيلَ يومي،
يسيرُ معي في رياضتي اليوميّةِ،
وحمامي الدافئِ
ينامُ معي على وسادتي،
يُفضي إليّ بأسرارِهِ
يبثّني لواعجَهُ
يقبّلني بجمرِ أنفاسِهِ،
يشاركُني فنجانَ قهوتي،
ينظرُ بعمقٍ في عينيَّ إلى حدِّ الوقاحةِ،
يسخرُ حينَ أخبرُهُ عنكَ
عن وطني وعن قميصِكَ الأخضرِ،
يسحبُهُ من خزائنِ ذاكرتي،
يعيدُ ترتيبَ الأزرارِ الفضّيّةِ،
ويحسنُ أصولَ الرّمايةِ مسدّداً سهمَهُ بإتقانٍ،
يضحكُ منّي قائلاً:
إليكِ حنيني