بقلم: سـليم خـليل
في شهر أيار/مايو الماضي ٢٠٢٣ كان الفتى المدعو ماندس من السكان الأصليين الهنود من غواتيميلا يحمل طعامه عائدا إلى الفندق في مدينة سانت أوغستين من ولاية فلوريدا في جنوب الولايات الأميركية حيث يقيم مع ثلاث شباب من بلاده في غرفة واحدة ويعملون في مزرعة ليعتاشوا ويساعدوا ذويهم ؛ كان الفتى ماندس يتحدث مع والدته على الهاتف عندما اعترضه شرطي شكً بأنه رجل خطير ! أمره الشرطي بالتوقف ورفع ذراعيه ؛ كان الجواب آسف نو إينكليش صوري؛ لا يعرف هذا الفتى الغريب سوى لغة سكان بلده غواتيمالا الأصليين .
كرر مرارا صوري نو إينكلش نو إينكليش .
لم يكن الشرطي في مهمة رسمية ؛ فقط شكً بأن الفتى خطير ويحمل سلاحا ؛ قاوم الشاب أوامر الشرطي الذي طلب المعونة وقدم اثنان من رجال الشرطة اللذين أطلقا النار ستة مرات في دقيقتين ؛ غاب الفتى عن الوعي ؛ حملاه واحتجزاه في سيارتهم. فجأة وقع الشرطي الأول الذي طلب المساعدة على الأرض على أثر أزمة قلبية ؛ نَقل إلى المستشفى حيث توفي وصدر تقرير المستشفى بأن الوفاة حدثت بسبب أزمة قلبية عادية .
عمر الفتى ماندس ١٨ عاما وطوله ١٦٠ سم ووزنه ٥٢ كغ .
في مركز الشرطة فتشوا الفتى ولم يجدوا سلاحا ؛ وجدوا فقط سكينا صغيرا في جيبه وقال لهم بلغته أستعمل هذه السكين في قطع عنق البطيخ في المزرعة !!! خرج تقرير الشرطة بأن الفتى شهر السكين على الشرطي الذي خاف من المفاجأة ونتيجة العراك أصابته الأزمة القلبية وتوفي على أثر العراك ؛ كما أكد رئيس مركز الشرطة في مؤتمر صحفي بعد الحادثة ما كُتب في التقرير .
ما يزال الفتى موقوفا في السجن عاجزا عن تقديم كفالة لفقره وقيد المحاكمة بجريمة التسبب بالقتل عقوبتها السجن مدى الحياة . في هذه الأثناء سمع الحادثة ناشطون للدفاع عن حقوق العمال الغرباء ونتيجة الضغوط كشفت السلطات على الكاميرات الجسدية لكل شرطي شارك في الإعتقال واستعمل التيزر للسيطرة على المتهم وكانت النتيجة أن الفتى الصغير
الحجم قاوم تقييد يديه فقط ولم يشهر السكين ولم يشكل تهديدا أو خطرا للشرطي .
يقول الناشطون للدفاع عن الغرباء الذين لا يعلمون اللغة الإنكليزية أو الأسبانية إن هذه الفئة من السكان يتمتعون بنوع من الحماية في الدستور الأميركي لأنهم بشكل عام يحاولون أن يكونوا نظاميين ولا يخالفون القانون خوفا من ترحيلهم من بلاد منحتهم فرصة العمل ليعتاشوا وليساعدوا الأهل في بلدهم .
تقدم الناشطون إلى القضاء بطلب إخلاء سبيل الفتى ماندس إستنادا على نصوص الدستور؛ وعلى براءته بموجب الثبوتيات الطبية وصور كاميرات الشرطة ؛ وطلب القاضي بعض الوقت ليصدر قراره لأن القضية معقدة .