بقلم: فـريد زمكحل
هناك أخطاء عديدة ارتكبتها فصائل المقاومة المسلحة ضد إسرائيل وأدت إلى الواقع المرير الذي نشاهده ونتابع نتائجه الكارثية على المقاومة ومحيطها المدني الذي طاله ما طاله من ويلات وكوارث أدَّت إلى مقتل وإصابة وتهجير الكثير من الأبرياء المدنيين، ولو تكلمنا ونظرنا بتدقيق إلى النتائج المؤسفة التي تسببت بها قيادات المقاومة المسلحة ضد إسرائيل سواء في غزة الفلسطينية أو في جنوب لبنان، سندرك على الفور فداحة هذه الأخطاء التي لا تغتفر لقادة الفصيلين، وسأبدأ باستعراض أخطاء كل جانب ومدى تشابهما للأسف الشديد:
أ- بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)
تأسست حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاشر من ديسمبر 1987 باعتبارها حركة سياسية مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ومن أهم أهدافها تحرير فلسطين، وهي حركة مقاومة شعبية إسلامية وطنية.
ومن هذا التعريف السابق يمكننا اكتشاف ومعرفة مكامن الأخطاء وأسبابها وهي كما يلي:
1- تصنيف حركة حماس لنفسها بأنها حركة مقاومة شعبية إسلامية وطنية كان من أهم أخطائها لأنها ضربت مبدأ الوحدة الوطنية في مقتل لأنها تنكَّرت بذلك للوجود الفلسطيني المسيحي باعتباره جزءاً أصيلاً من المعادلة الشعبية الوطنية المناهضة والمقاومة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واقتصرت الوطنية واختصرتها على الإسلاميين.
2- قيام قادتها بقيادة الحركة الانفصالية ضد منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، والتي تأسست سنة 1964 بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة للقرار الصادر عن مؤتمر القمة العربي الذي عقد في القاهرة سنة 1964 لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية والذي يضم حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جورج حبش)، بالاضافة إلى العدد الأكبر من الفصائل والأحزاب الفلسطينية تحت لوائه، والذي تم اعتبار رئيس اللجنة التنفيذية فيها واعتماده كرئيس لفلسطين والشعب الفلسطيني في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى فلسطيني الشُتات بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
3- قيام قيادة حماس بفصل غزة والاستقلال بها عن الضفة الغربية والسلطة الرسمية المعترف بها دولياً الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد صراع مسلح بين الجانبين، الأمر الذي شق وحدة الصف الفلسطيني وتسبب في ضياع وتفتيت الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية قبل المحافل الإقليمية.
4- استخدام المدنيين والمساكن والأحياء المدنية لتخزين كافة أنواع الأسلحة، مما أدى إلى سقوط ومقتل الآف الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني.
5- التخطيط لعمليات المقاومة العسكرية ضد إسرائيل دون أي تنسيق مسبق أو دراسة مسبقة مع الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ودون إجراء أي حسابات دقيقة على ردود الأفعال المنتظرة من الجانب الإسرائيلي والتي تحَّمل نتائجها الباهظة أهالي غزة من المدنيين الأبرياء لا القادة العسكريين الذين قاموا بتخطيط وتنفيذ هذه العمليات.
6- تضارب الموقف السياسي لحركة حماس مع الموقف السياسي الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما أثر على الوضع الداخلي والخارجي للقضية الفلسطينية المنقسم على ذاته أمام كافة المحافل الدولية المؤثرة.
ب- أما بالنسبة لحزب الله اللبناني:
فقد تأسس حزب الله سنة 1982 تحت اسم حزب الله أو المقاومة الإسلامية في لبنان وهو حزب سياسي إسلامي شيعي مسلح مقرّه لبنان، وهو جزء من محور المقاومة الذي تقوده إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم في الشرق الأوسط، ويقوم الحزب على الأيديولوجية الخمينية وولاية الفقيه، ومن هذا التعريف البسيط يمكننا اكتشاف ومعرفة مكامن الأخطاء وأسبابها المشابهة إلى حد التطابق مع الأخطاء الفادحة (لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والتي سأحاول تلخيصها وإلقاء الضوء عليها في النقاط التالية:
1- تصنيف حزب الله لنفسه «بالمقاومة الإسلامية» جعل من الحزب مشروع لإقامة دولة إسلامية قائمة على حكم إسلامي تابعة ومحكومة من صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني، ضاربة بعرض الحائط مصالح الدولة اللبنانية والشعب اللبناني المتعدد العقائد والمذاهب حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه من هوان سياسي إقليمي ودولي وأعطى الحق للتدخل غير المبرر للمملكة العربية السعودية في رسم السياسة العامة للبنان وفقاً لإتفاق الطائف لمواجهة المدّ الشيعي وفكرة ولاية الفقيه في لبنان الذي أصبح ممزقاً بين المدّ الشيعي وبين المدّ السني، وأدى إلى وجود دولة لبنانية بلا رئيس للبلاد لأكثر من عامين.
2- استقلال الحزب «حزب الله» بقراره السياسي والعسكري عن الدولة الأم لبنان بتبعية غير وطنية للدولة الإيرانية وقراراتها السياسية والعسكرية في المنطقة، الأمر الذي عرَّض لبنان للدخول في معارك وحروب عسكرية لا طاقة لها بها مع الجانب الإسرائيلي، ما أضعف من قدرتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية.
3- قيام قادة حزب الله باستخدام الأحياء المدنية والمدنيين من اللبنانيين المقيمين في الجنوب اللبناني كدروع بشرية ومخازن لتخزين كل أنواع الأسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية والتي استخدمت ضد إسرائيل التي قامت بدورها باستهدافها دون أي اعتبارات إنسانية من جانبها للجانب المدني ووجود المدنيين من اللبنانيين الذين لا حول لهم ولا قوة أمام عناصر حزب الله المسلحة، التي تنتهك بذلك القانون الدولي فيما يخص المدنيين وحماية حقوقهم المدنية المشروعة.
4- فرض قادة الحزب لمفهومهم الخاص على جميع مؤسسات الدولة اللبنانية على اعتبار أنهم دولة داخل الدولة لا حركة مقاومة تابعة للدولة اللبنانية.
هذا بعض من كل ما أراه واعتبره أخطاء أكثر من فادحة قام بارتكابها فصائل المقاومة الإسلامية المسلحة سواء في فلسطين عن طريق «حماس» أو في لبنان عن طريق «حزب الله»، وساعدت إسرائيل على اختراقهما وعلى تشجيع خيانتهما من أقرب المقربين والداعمين لهما ما أدى في النهاية إلى إرتباك المشهد العام والوصول إلى ما وصل إليه الوضع حالياً والذي لا استبعد تفاقمه في الأيام القادمة للأسوأ من ذلك بكثير وبما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي للمنطقة بصفة خاصة، والدولي بصفة عامة الحريص على الحفاظ وحماية مصالحه الحيوية في جميع بقاع الأرض، وفي هذه المنطقة الحيوية والمهمة من العالم على وجه الخصوص..
وغداً لناظره لقريب!