بقلم : على أبودشيش
أحتفل قدماء المصريين بعيد الأم، كعيد مقدس، ابتداءً من الدولة القديمة، واستمر حتى أواخر عهد البطالمة، وورد ذكر عيد الأم والنص عليه في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، ووجد ضمن مقابر الدولة الحديثة؛ كثيرًا من البرديات؛ التي حوت نماذجًا من النصوص التقليدية للأم في عيدها.
اختاروا لعيد الأم آخر شهور فيضان النيل؛ عندما تكون الأرض الخصبة معدّة لبذر البذور- أو بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض، وهو شهر هاتور في التقويم المصري القديم، وهاتور أو حتحور تُعبر عن ربة الجمال ومعنى حت- حور مرضعة الإله حور، لذلك شبهوا الأم بنهر النيل؛ الذي يهب الحياة والخصب والخير.
وفي مصر القديمة؛ مارست الأم الدور الطبيعي، وبذلت كل الجهد، لتهيئ المناخ المناسب لأولادها، لتحيا حياة سعيدة هانئة، ثم جعلت من الأسرة نسيجا قويا ومتماسكا، ومن هذا المناخ هيأت المجتمع لإنجاز الحضارة الباقية حتى الآن، وتصور المصري القديم؛ الكون في نظرية الخلق، وشبّه السماء الربة نوت بالأم؛ التي تحمل الشمس، وتلدها كل يوم، وفي نهاية اليوم؛ تبتلعها وهكذا كل يوم، فكانت الأم منذ الوهلة الأولى للفراعنة مرجعًا مهما في تكوين العقيدة، وكانت نوت وإيزيس ونفتيس ثم حتحور وغيرها؛ مثال على عظم مكانة الأم عندهم.
وكانت الربة إيزيس؛ التي أنجبت المعبود حورس الذي مثل النظام الاجتماعي على الأرض، بعد حكم البشر، وهناك الكثير من التماثيل التي تصور إيزيس، وهي تُرضع المعبود حورس، مشيرًا إلى أن الربة حتحور؛ ظهرت بصور وخصائص، وقُدّست في أماكن كثيرة، وعُرفت كربة للأمومة والعطاء، واندمجت مع إيزيس، وقورنت في بلاد اليونان بالربة أفروديت، وارتبطت حتحور بالربة الأم، لما تحمله من أشكال الأنثى مثل الصدر العظيم للربة الأم – حيث له دلالة على عميلة الرضاعة؛ التي وهبها الله تعالى للأم.
وحصلت الأم على بعض الألقاب الشرفية؛ التي تدل على احترام المجتمع لها مثل موت نثر (أم الإله)، وأم الملك حمت نسوت، والمفضلة لدى الإله، والمعروفة لدى الملك وغيرها.