بقلم: عادل عطية
كم من سائح عابر في إسبانيا، عاد إلى بلاده بقصة عن: صاحب متجر، أو سائق تاكسي أو خادم في فندق… حمّل نفسه مشقة؛ حتى يسدي مساعدة إلى أحد الغرباء، أو لكي يبرهن – مجرد أن يبرهن ـ على أمانته المطلقة!
ذلك أن الإسباني مهما كان فقيراً، إلا أن كرامته تربأ به أن يغنم من غيره مغنماً غير شريف، بل يكاد إحساس العزة والكرامة، أو ما يسميه الإسبان “بندونور”، يتغلغل في نفوس جميع السكان دون استثناء!
إن هذه الكلمة “بندونور”، تُعبّر عن كلمة الفضيلة لدى الإسبانيين. وإذا حاولنا أن نترجمها، عرفنا أنها تعني في قاموس اللغة الإسبانية: “غيرة الفرد الشديدة على احترام الغير له”.. ذلك الإحترام الذي يفرضه سلوكه القويم، كما انها تعني شرفه وسمعته الطيبة، اللذين ينبغي عليه أن يصونهما، حتى لو كلفه ذلك بذل حياته!
ألا تستحق مصرنا، التي انبثق فجر الضمير على أرضها، أن نمنحها “بندونورنا” الخاص بنا؛ لتفتخر به كلما ذُكر اسمها؟!
ألا تستحق هذه العظيمة بين الأمم، أن نُقلدها وسام “الإنسان المصري” المستمد قيمته من تاريخنا وعراقتنا وحضارتنا وقيمنا الروحية المتسامية، كأول شعب رفع قلبه نحو الله؟!
“الإنسان المصري”، ليكن عنواناً عالمياً لا يتبدّل ولا يتغيّر، يختزل بعمق، وامتداد، وجديّة: علاقة المصري بوطنه، حيث يحبه بإخلاص، ولا يسمح لنفسه بأن يهتف على أرضه براية غير رايته!
وعلاقة المصري بالمصري، حيث العلاقة المبنية على الحب والترابط، ولكم دينكم ولي دين!
وعلاقة المصري بضيوفه، حيث يستقبلهم بالود والاحترام والترحاب، ويكون مضيافاً وكريماً وسخياً إلى الدرجة التي يتنازل فيها عن حقه فيما يسمى “بالبقشيش”!
“الإنسان المصري”، ليكن هو شعارنا المعبّر عن شهامتنا، وعزّتنا؛ فبدونه كل شيء مباح، وبغيره تختفي الأخلاق، ويذهب الوطن إلى المجهول البعيد!…