في العالم الذي نعيش فيه والمقسم إلي دول ولكل دولة حدوداً جغرافية ، وتحافظ كل دوله علي إستقلالها بتكوين جيش يتم تسليحه بأسلحة متقدمة، وعندما تقوم إحدي الدول بتحسين اسلحتها ، تقوم الدول الاخري في المقابل بتحسين اسلحتها هى الأخري ، ويعرف هذا بسباق التسلح ويتم هذا السباق في مقياس زمني اقصر من سباق التسلح المشابه بين الأعداء من الأحياء الأخري ، فهناك سباق للتسلح بين الضواري والفرائس ، وبين الطفيليات والعوائل ، بل حتي بين الذكور والإناث داخل النوع الواحد ، وسباقات التسلح تجري في الزمان التطوري وليس بالمقياس الزمني لفترة حياة الأفراد ، وتتم بالعمل علي تحسين جهاز البقاء في احدي السلالات من الحيوانات الفرائس مثلا، نتيجة مباشرة لتحسن الجهاز المتطور في سلالة اخري ، من الحيوانات المفترسة .. لنأخذ مثلا سرعة الجري لفهود الشيتا والغزلان فكلاهما يواصلان زيادة سرعتهما جيل بعد جيل .. وسباقات التسلح مهمة جداً لإنها هي التي تدفع التقدمية الموجودة في التطور ، ان الحيوانات والنباتات في مكان معين تصبح بعد اجيال كثيرة من الإنتخاب التراكمي متلائمة للغاية للظروف في هذا المكان كظروف الطقس مثلا ، ففي الطقس البارد يصبح للحيوانات فراءاً سميكاً من الشعر او الريش ، واذا كان الجو جافاً فإنها تطور بشرة جلدية او شمعية مانعة لتسرب المياة .. والتكيف للظروف المحلية يؤثر في كل جزء من الجسم ، شكله ولونه واعضاؤه الداخلية وسلوكه وكيمياؤه من داخل خلاياه .. قد يكون الطقس مهما ونمطه يتغير عبر القرون ، وهذا يبقي التطور في حركه مستمرة يتعقب فيها هذه المتغيرات ، وثمة عوامل اخري في بيئة الحيوانات تتغير في اتجاهات اكثر عدوانية هي الكائنات الحية نفسها ، فبالنسبة لأحد الضواري كالضبع مثلا ، فان فريسته هي احد اجزاء البيئة ولا تقل عن اهمية الطقس، وبالنسبة للجاموس البري وغيرها من اكلات العشب ، فان الأسود والضباع وغيرها من اللاحمات سيعمل الإنتخاب التراكمي علي حسن تلاؤم الحيوانات بحيث تفوق مفترسيها او تخدع فريساتها .. والإنتخاب التراكمي يعمل علي مر القرون علي ان تصبح أقدام فهود الشيتا اسرع انطلاقا وعيونها أحد بصرا وأسنانها اكثر شحذاً .. والغزلان ايضا تتعرض للإنتخاب التراكمي ، وهي تتجه بمرور الأجيال الي تحسين قدرتها علي الجري السريع وان يكون رد فعلها اكثر خفة وان تصبح غير مرئية بان تختفي بين الأعشاب الطويلة ، ولكن اذا اخذنا سرعة الجري ففكرة سباق التسلح تبدو كانها توحي بان فهود الشيتا والغزلان ينبغي ان تواصل جيلا بعد جيل زيادة سرعتها أبدا حتي يتعديان سرعة الصوت ! ولكن هذا لن يحدث قط وذلك لأسباب أخري منها التكلفة المتزايدة للنمو واستهلاك الطاقة .. إذاً هناك فارق هام بين عدو حي يتعرض هو نفسه للتغيير بالتطور وبين ظرف مثل الطقس وهو غير حي وليس عدوانيا، يتعرض للتغيير ولكنه ليس بالتغيير التطوري المنتظم ..مثال آخر عن الأشجار في الغابات، لماذا هي طويلة؟ والإجابه : لإن الأشجار الأخري طويلة وهي لا تطيق تحمل ثمن ان تكون قصيرة وتحرم من اشعة الشمس ، ولايبالي الإنتخاب الطبيعي بأمر الإقتصاديات والتكلفة المتزايدة لنمو هذه الأشجار. ومع هدوء سباق التسلح ، يكون متوسط طول الأشجار لقمة الغابة قد تزايد ، ولكن الفائدة التي تنالها الأشجار من كونها طويلة لم تتزايد بل تدهورت بسبب التكلفة المتزايدة للنمو ، وربما كان الأفضل لو انها ظلت باقية حيث بدأت .. ولكن ما يميز سباقات التسلح عامة بما فيها السباقات البشرية ، ان الجانب الآخر لا يطيق تحمل عدم تصاعده هو الأخر. ثمة مجال كامل آخر من الأشياء تفسرها نظرية التطور مثل ظواهر التنوع، اي نمط النمازج المختلفة للحيوانات والنباتات التي تتوزع في ارجاء العالم وتوزيع الخواص فيما بينها. ومما يترتب علي فكرة التطور انه لا يوجد كشجرة عائلة متفرعة لكل الكائنات الحية الا شجرة واحدة صحيحة في تفرد ..والنظام الوحيد الذي يطبق هو النظام المؤسس علي علاقات تطورية ويسمي علم التصنيف التفرعي وفيه يكون المعيار النهائي لتجميع الكائنت الحية معا في مجموعات هو مدي وثوق قرابة ابناء العمومة او بكلمات اخري درجة الحداثة النسبية للجد المشترك، فالطيور تتميز عن غير الطيور، انها تنحدر من جد مشترك ليس جدا لأي من غير الطيور، ونفس الحال بالنسبة للثدييات ، والطيور والثدييات لهما جد مشترك اكثر قدما يشتركان فيه مع حيوانات اخري مثل الثعابين والسحالي ، ومن داخل الثدييات تتشارك الجرذان والفئران معا قي جد حديث مشترك، وتتشارك الفهود والأسود في جد حديث مشترك ، وكذلك ايضا حيوانات الشمبانزي والبشر ، هذا ونؤكد أن الزمان التطوري يحسب بملايين السنين ، ولا يمكن قط ان تكون الكائنات الحية علي غير صلة قرابة بالكلية ، ذلك انه يكاد يكون مؤكدا ان الحياة كما نعرفها قد نشأت فحسب مرة واحدة علي كوكب الأرض .
