بقلم: سليم خليل
بفضل الانترنيت نتعرف يوميا على علماء سبقوا مَن قيل وتحدثنا عنهم بأنهم الرواد والأوائل في إكتشافاتهم؛ وردتني رسالة إليكترونية من أحد قرَّاء هذه الصحيفة الغرَّاء يعلمني مشكورا أن هناك عالم روسي من أصل بولوني وضع دراسات عن علم وغزو الفضاء قبل العالم الألماني هيرمان أوبيرث الذي تحدثنا عنه في عدد سابق ؛ وبعد مطالعة مسيرة حياة هذا العالم البولوني الروسي قسطنتين وصعوبات فترة طفولته رأيت أن تفاصيل طفولته ونشأته ومنجزاته العلمية مهمة جدا ومثيرة وجديرة للمطالعة .
والده من بولونيا إنتقل إلى روسيا وتزوج من فتاة روسية من القوقاز، أنجبا قسطنتين تسيكوفسكي ١٨٥٧-١٩٣٥؛ توفيت والدته وهو في الثالثة عشرة من عمره؛ أصيب في طفولته بمرض الحصبة أفقده حاسة السمع وهذا ما دفع كافة مدارس الأطفال لرفض قبوله فيها لمشكلة طرشه .
إنه أطرش، مثل ألكسندر بيل العالم الذي اخترع التلفون، وهذا ما أجبر الوالدين على تعليمه في المنزل ؛ وعندما تعلم مبادئ القراءة وبعد وفاة والدته إتكل على نفسه وتابع منفردا دراسة كافة المواد مثل العالم الشهير توماس إديسون الذي بسبب مشاكل صحية والمسافة الكبيرة بين مزرعة والديه والمدرسة أجبر والدته على تعليمه مبادئ القراءة في المزرعة ثم متابعة دراسته وتجاربه شخصيا .
عاش أهل قسطنتين في قرية في ريف موسكو حيث مارس والده مهنة التعليم وكان في ساعات فراغه يهتم في مساعدة إبنه الذي أظهر نبوغا في العلوم والرياضيات وكان يحلم دائما بالسفر إلى الفضاء. بعد سنين الطفولة أمضى ثلاث سنوات في مكتبة موسكو حيث طالع ما توفر له من كتب العلوم والرياضيات والكيمياء ومنها كتاب جول فيرن الفرنسي حول الفضاء .
اعتقد قسطنتين أن اكتشاف الفضاء سيوصل إلى اكتشاف أصل الإنسان والحياة؛ فوضع أسس السفر إلى الفضاء باندفاع الصواريخ.
لاحظ والده أن قسطنتين الذي بلغ التاسعة عشرة من العمر يعمل بجهد كبير في العلوم دون دخل كاف ليعتاش، فأعاده إلى الريف حيث نجح في فحص التعليم وعمل كأستاذ في العلوم واستمر في دراساته واكتشافاته العلمية.
في مطلع القرن العشرين عانى قستنطين من مآسي عائلية ؛ انتحر ابنه واعتقلت ابنته لنشاطات ثورية ؛ لكنه استمر في اختباراته فكتب أربعمائة دراسة عن الفضاء والمحطات الفضائية في الفراغ الجوي وكيفية إيصال الطعام والماء والأوكسجين إلى المركبات الفضائية ؛ ووضع دراسات عن مركبات وبالونات تحلٍق بتزويدها بغازات أقل وزنا من الهواء .
ساعدت دراساته على بناء المركبات الفضائية التي ينتقل إليها ويعود منها حاليا إلى الأرض رواد الفضاء من كافة الجنسيات والأوطان .
وضع مخططات طائرة شبيهة بالطيور بجناحين متحركين للصعود والهبوط وبعد ثلاث عقود حلقت طائرة العالم المهندس البرازيلي ألبرتو ساندس في فرنسا وفيها الكثير من أفكار قسطنتين .