على خلفية قرار المجلس العسكري الحاكم في السودان تعليق المفاوضات لثلاثة أيام أعرب قادة حركة الاحتجاج في السودان الخميس عن مخاوفهم بشأن صحة نواياه بتسليم السلطة، فيما تعهدوا بمواصلة اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم.
أثار قرار المجلس العسكري الحاكم في السودان تعليق المفاوضات، صدمة وأسفا لدى قادة حركة الاحتجاج الخميس، لكنهم تعهدوا بمواصلة اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش في العاصمة. وكان من المفترض أن يعقد المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مساء الأربعاء الجلسة النهائية للمفاوضات بشأن الفترة الانتقالية وتشكيل ثلاثة مجالس للسيادة والوزراء والتشريع لإدارة البلاد خلال هذه المرحلة.
لكن إطلاق نار مساء الأربعاء حول مكان اعتصام المتظاهرين في الخرطوم أدى إلى قيام المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بتعليق الجولة الأخيرة من مباحثاته مع قوى الاحتجاج بشأن الفترة الانتقالية لمدة 72 ساعة لتهيئة المناخ للحوار، حسب بيان ألقاه الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس وبثه التلفزيون الرسمي.
وتضمن بيان صدر عن قوى الحرية والتغيير الخميس “سيستمر اعتصامنا بالقيادة العامة وكافة ميادين الاعتصام في البلاد”. وأضاف أن “تعليق التفاوض قرار مؤسف ولا يستوعب التطورات التي تمت فى هذا الملف”. وجاء بيان البرهان إثر إطلاق نار مساء الأربعاء في محيط اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش ما أدى إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح، بعد يومين من مقتل ستة أشخاص في المنطقة نفسها نتيجة إطلاق نار من مسلحين.
ودعا الجنرال المتظاهرين إلى “إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام”، وفتح خط السكة الحديدية بين الخرطوم وبقية الولايات ووقف “التحرش بالقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها”.
ويذكر أن الاعتصام قد بدأ أمام المقر العام للجيش السوداني في السادس من أبريل/نيسان كاستمرار للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في ديسمبر/كانون الأول للمطالبة برحيل الرئيس عمر البشير، وقد أزاحه الجيش بعد خمسة أيام. ومنذ ذلك الحين يطالب المتظاهرون المجلس العسكري بنقل السلطة.
وحثت وزارة الخارجية الفرنسية الجانبين على استئناف الحوار “لتشكيل حكومة مدنية انتقالية” و”الحفاظ على الطبيعة السلمية للعملية الانتقالية”. ودعا تجمع المهنيين السودانيين إلى مسيرات الخميس باتجاه مقر الاعتصام.
وقال في منشور على صفحته الرسمية على موقع فيس بوك “ستكون مواكب (مسيرات) تسليم السلطة المدنية اليوم الخميس 16 مايو (أيار) 2019 مساء (بعد الإفطار) من الخرطوم وأم درمان وبحري وشرق النيل. وستتجه جميعها إلى القيادة العامة لقوات شعبنا المسلحة وذلك من أجل تسليم السلطة للمدنيين وفقا لإعلان الحرية والتغيير”
وأكد بيان الخميس للحرية والتغيير أن “خطوط السكة الحديد مفتوحة منذ 26 أبريل (نيسان) وقبل أي طلبٍ، وقد قررنا مسبقا تحديد منطقة الاعتصام وقمنا بخطوات في ذلك (..) وبذلك تنتفي كل مبررات وقف المفاوضات من طرف واحد”.
وشهدت حركة المرور في وسط العاصمة السودانية انفراجا بعد ما تم رفع الحواجز التي أغلقت طرقا حيوية عديدة بقلب الخرطوم، حسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية الخميس.
وكان تجمع المهنيين قد طالب المعتصمين بالالتزام بخريطة الاعتصام الموضحة. وقال في بيانه إن “الالتزام بهذه الخريطة يقلل من إمكانية اختراق الثوار بأي عناصر مندسة ويسهل عمل لجان التأمين في السيطرة والتأمين”.
وسيطر الهدوء مجددا على ساحة الاعتصام وشهدت هتافات مجموعات صغيرة من المعتصمين حيث لم تساعد حرارة الجو المرتفعة على احتشاد عدد كبير من المتظاهرين نهارا. وقال معتصم محمد سعيد وهو مهندس زراعي “كانوا يريدون استفزاز الشعب بالتأجيل لكن الشعب واع”.
وقال يوسف الدرديري أحد المشرفين على الحواجز ” لقد رأيت أمس (الأربعاء) قوات الدعم السريع يعتدون بالضرب بفرع شجرة على فتاة لمجرد أنها سألتهم لماذا تقتلون الشباب بالرصاص”.
وكان الفريق البرهان قد دافع بشدة في بيانه عن قوات الدعم السريع التي يتهمها المعتصمون بالاعتداء على المتظاهرين ومهاجمتهم. وقال إن قوات الدعم السريع “لعبت دورا مهما ومؤثّرا في أمن البلاد حربا وسلما”.
وسجل مسار المباحثات تقدما مهما منذ الاثنين، وكان من المتوقع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى المؤسسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي اتفق الطرفان على أن تكون مدتها ثلاث سنوات.
وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسسات تتولى مسؤولية التحضير لنقل كل السلطات إلى سلطة مدنية.
وسبق أن توصل الطرفان إلى اتفاق على تشكيل مجلس سيادي، حكومة، ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقالية. وستكون الأشهر الستة الأولى مكرسة للتوصل إلى اتفاقات سلام مع الحركات المسلحة الانفصالية في غرب البلاد والجنوب.
وحددت هيكلية المجلس التشريعي أيضا، ومن المتوقع أن يضم 300 عضو، 67% من بينهم يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير. وتذهب بقية المقاعد إلى ممثلين لقوى سياسية خارج هذا التحالف.
فرانس24/ أ ف ب