بقلم: الدكتور عبد العليم محمود
أمراض عين الطفل
تتفشى أمراض العيون في كل البلدان، خصوصاً في الدول الفقيرة بسبب الإهمال وقلة الوعي والجهل التي يمكن أن يؤدي إلى ذهاب حاسة البصر إلى غير رجعة فيعيش أصحابها في ظلام دامس.
وتتطور حاسة البصر عند الأطفال بوتيرة سريعة فحديثو الولادة يستطيعون الرؤية لكنهم لا يرون التفاصيل الدقيقة، كما يمكنهم رؤية الألوان الناصعة وينجذبون إلى وجود الآخرين. وفي حلول الشهر الثالث أو الرابع يتمكن الأطفال من رؤية الأشياء الصغيرة ويفرقون بين الألوان، ومع اقتراب نهاية السنة الأولى يرون أدق التفاصيل.
ما هي مشاكل الإبصار عند الأطفال في سنواتهم الأولى؟
هناك عوامل قد تدخل على خط تطور القدرة البصرية المتسارع في السنة الأولى من العمر ما يتسبب في مشاكل بصرية من أهملها:
1- الحول لدى الأطفال وأنواعه “كما ذكرنا سالفاً”.
2- المياه البيضاء الخلقية.
3- المياه الزرقاء
4- كثرة التدميع عند عين الطفل منذ الولادة
5- عيوب الانكسار
6- التهابات العيون
ما هي المياه البيضاء الخلقية؟
إن ولادة الطفل وهو يعاني من المياه البيضاء لا تسمح للضوء بالعبور كي يقع على الشبكية بالتالي فإن الاشارات الصادرة عن الأخيرة تكون ضعيفة ومشوشة، فتكون النتيجة وصول رسائل ضعيفة إلى الخلايا البصرية في المخ فلا تنمو هذه كفاية، ومع مرور الوقت واستمرار المشكلة تصبح خلايا المخ البصرية هزيلة وغير قادرة على تحليل الصور الآتية من العين في الشكل المطلوب.
ماذا يحدث إذا أهمل تشخيصها مبكراً؟
إن أكبر خطأ يرتكب عند الطفل المصاب بالمياه البيضاء هو إهمال التشخيص المبكر، لأنه كلما تأخر زادت المشكلة، وبالتالي فإنه عند إزالة المياه البيضاء تكون النتائج كارثية، لأن الخلايا البصرية في المخ لا تنمو في شكل طبيعي، وينبغي اعتبار المياه البيضاء كحالة طارئة ويختلف العلاج من حالة إلى أخرى، فبعض الحالات يلزمها إزالة المياه ووضع النظارات الطبية، وفي حالات أخرى قد يتطلب الأمر إزالة المياه وزرع عدسة في العين.
ما هي المياه الزرقاء؟
المياه الزرقاء تنتج عن ارتفاع الضغط داخل العين، وتصيب الطفل قبل الولادة أو بعدها مباشرة، ونظراً إلى مرونتها الشديدة فإن عين الطفل تنمو بصورة غير طبيعية، فينخدع الأهل بكبر عيني طفلهم معتقدين أنها علامة من علامات الجمال، لكن الحقيقة أن هناك سبباً خلف الكواليس هو ارتفاع ضغط العين الذي يؤدي إلى حدوث عتامة زرقاء في القرنية.
هل هناك دور للوراثة في هذا المرض؟
ينتقل مرض المياه الزرقاء وراثيا من أحد الأبوين أو من كليهما كما قد يحدث نتيجة الإصابة بعدوى فيروسية عند إصابة الأم بالفيروس في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل .. ويكثر هذا المرض في البلدان العربية بسبب كثرة الزواج بين الأقارب.. ومن المهم جدا علاج مرض المياه الزرقاء الخلقي في أسرع وقت حتى يستطيع الطفل الرؤية في شكل طبيعي وبالتالي تجنيبه الوقوع في مضاعفات سلبية.
ما هو سبب كثرة التدميع من عين الطفل حديث الولادة؟
هناك قناة تصل بين العين والأنف تسحب الدموع الزائدة إلى التجويف الأنفي، وفي الحالة الطبيعية يكتمل نمو هذه القناة قبل الولادة بفترة بسيطة ، لكن لدى بعض الأطفال قد يتطلب اكتمال نمو القناة أشهر عدة بعد الولادة، وخلال هذه الفترة يشكو الطفل من كثرة التدميع من العين المصابة، وقد يؤدي هذا الوضع لأن تكون العين أكثر تعرضا للاصابة بالالتهابات الصديدية .. ويقوم العلاج هنا على وصف المضادات الحيوية الموضعية، وتدليك الكيس الدمعي عدة مرات يومياً .. ولا ينصح بإجراء الفتح الجراحي للقناة قبل بلوغ الطفل السنة من العمر، باستثناء حالات قليلة قد تحتاج إلى التدخل الجراحي في وقت آخر إلا أني أؤجل أي تدخل جراحي حتى استنفد مرات التدخل الطبي.
هل هناك دور لعيوب الانكسار في أمراض العيون؟
إن عيوب الانكسار تقف على رأس قائمة أمراض العيون التي تصيب الأطفال فهذه العيوب “طول النظر وقصره والاستيجماتيزم”، يصعب الكشف عنها مبكراً ، مما يؤدي إلى أخطار مستقبلية على صحة الإبصار عند الصغار.. وغالباً ما يصعب الكشف عن هذه العيوب باكراً لأنها تسكن عادة في عين واحدة لا يشكو منها الطفل ولا يشعر بها، لا هو ولا أهله، ثم إنها لا تعطي عوارض تثير الانتباه مثل الاحمرار، والتدميع والوجع من هنا أهمية الفحص الإلزامي لكشف تلك العيوب قبل أن تذهب ببعض البصر أو ربما به كله .. إن تصحيح عيوب الانكسار أمر سهل للغاية ولا يكلف أكثر من وضع نظارات طبية، وكلما كان التصحيح مبكراً كان ذلك أفضل.
ثم ماذا عن التهابات الجفن وانتفاخه؟
التهاب الجفن وانتفاخه يحدث إثر غزو الميكروبات الغدد الدهنية المصطفة على منابت شعر الرموش .. ما يسبب تورم الجفن وانتفاخه وطرح مفرزات قيحية والتصاق الرموش ، خصوصاً في الصباح.. يجب مراجعة الطبيب من اجل العلاج المناسب.
ما هو المطلوب إذن؟
في المختصر يشكل الفحص الدوري للعين عند الأطفال أمراً مهماً للغاية من أجل كشف الإصابة العينية التي لا يستطيع الأهل كشفها، او أنهم يتأخرون كثيراً في رصدها.
ما هو المطلوب من أهل الطفل حتى يحافظوا على عيون أطفالهم؟
على الأهل أن يراجعوا الطبيب عند مشاهدة علامة أو أكثر من العلامات التحذيرية الآتية:
ولنا تكملة في العدد القادم