الدكتور عبد العليم محمود
الطب البديل
هل يمكن تشخيص الأمراض بمجرد النظر في العين؟
هل يمكن تشخيص ما بالجسم من أمراض بمجرد النظر داخل حدقة العين للمريض؟ هذا ما يؤكد علماء “القزحية”.. الذين يؤكدون أن بإمكانهم رؤية كل ما يحدث في جسم الإنسان عن طريق النظر داخل عينيه وذلك بفضل الروابط التي تجمع الجهاز العصبي وبقية أعضاء الجسم.
ويرجع علم القزحية إلى آلاف السنين حين كان الإغريق القدماء يستخدمونه لتشخيص أمراض أبقارهم، ثم تطور هذا العلم وبدأ العلماء يلاحظون وجود روابط بن قزحية العين وبعض الأمراض التي تصيب الإنسان مثل اضطرابات المعدة والأمراض الوراثية.
ويقول الدكتور “ليونيل سلفر” وهو أحد المتخصصين في علم القزحية .. أن معظم الأطباء لم يسمعوا عن هذا العلم ومع ذلك فإن تعريفه موجود في قاموس “دولارن” الطبي، وأن عدداً كبيراً من الأطباء الأمريكيين قد دهشوا عندما اكتشفوا أن علماء القزحية يستطيعون تشخيص حالة المريض في مدة لا تزيد على عشر دقائق .. وذلك لأن علماء القزحية يعرفون شيئاً عن تاريخ المرض ويستطيعون معرفة إذا كان المريض سليماً أو مصاباً.. على سبيل المثال باضطرابات في المعدة كما يمكنهم معرفة إذا كانت العظام المكسورة نتيجة حوادث قديمة قد شفيت أو لا، أو أن ما يشكو منه المريض هو إصابات فقرات .. وهل هناك مرض في قلبه أو التهابات ي أنسجته الليمفاوية .. بل يستطيعون تشخيص حالات السرطان المبكر والأمراض الوراثية.
وقراءة قزحية العين يمكن تطبيقها على طفل وليد للتأكد إذا كان لديه استعداد للإصابة بمرض السكر.
ويقول الدكتور “سلفر” إن علم القزحية يساعد على اكتشاف بعض الأمراض قبل ظهورها مما يساعد في علاجها قبل أن تتفاقم.
ويقول إنه تمكن من معالجة سيدة مصابة بسرطان في الثدي قبل ثلاث سنوات من موعد ظهور أعراض المرض عليها وقد شفيت الآن تماماً.
ويضيف الدكتور سلفر إن علم القزحية يساعد في الكشف عن استعداد بعض الأشخاص للإصابة بحصوات في المرارة والكليتين.
وقد أجرى أحد الأطباء اختبارا لأحد هؤلاء العلماء فأرسل إليه مريضا طالبا منه الكشف عليه وإخباره بالنتيجة وكان هذا الطبيب يعلم ما يعاني منه مريضه .. وبعد سبع دقائق فقط من قيام العالم بفحص هذا المريض اكتشف أنه يعاني من سرطان في الرئة اليسرى.. وأن ورما ما استؤصل من عينه اليمنى، كما أن الخلايا السرطانية لديه بدأ ظهورها في الأمعاء بالإضافة إلى أن هذا المريض يعاني بصفة عامة من ضعف الدورة الدموية .. وقد أكد الطبيب المعالم صحة ما قاله عالم القزحية تماماً.
والسؤال الآن : وبعد أن بدأ الأطباء يهتمون بهذا العلم، هل سيتغير علم القزحية ويصبح من الطبيعي أن يكتفي الطبيب بالنظر إلى عين مريضه .. ليكتب له العلاج الشافي، هذا سؤال منتظر إجابة العلم عليه.
ما هو التشخيص بالقزحية؟
التشخيص بالقزحية هو النظر إلى قزحية المريض “أو السليم” لمعرفة أي خلل في باقي أنحاء الجسم .. ويتم ذلك بفحص كل جزء من القزحية ورؤية ما إذا كان طبيعياً بالمقارنة مع علامات مرضية معينة تم جمعها على مدى السنين بملاحظات الأطباء.
وأعنى بأجزاء القزحية الأجزاء المحددة لكل عضو من أعضاء الجسم، ففى قزحية العين توصيلات بين مناطق الجسم وما يناظرها فيها .. ولعل هذه التوصيلات تذكرك بانعكاسات القدم في الطريقة العلاجية الانعكاسية. إلا أن غايتها هنا تشخيصية تماماً.. ولعمري أن هذه لمن أعظم نعم الله تعالى على البشر ، فهل هناك أسهل من أن تنظر إلى قزحية العين لتعرف ما إذا كان وضع ذلك الجزء من جسمك في طريق الشفاء أن لا يزال كما هو إلى غير ذلك مما يمكن أن تستفيد منه عند نظرك إلى قزحية عينك.
الأصل كان “إغناز بشلى” البولوني صبياً عندما حاول الإمساك ببومة، إلا أن البومة غرست فكيها في ذراعه، وفي محاولة التخلص من البوم كسرت ساق الأخيرة، فحملها أغناز معه إلى البيت وربط ساقها بضماد، وقد لاحظ ظهور نقطة سوداء في عين الطائر، والتي أصبحت خطا أسود ممتداً من البؤبؤ إلى نهاية القزحية، وبعد مدة التأم الكسر، ولكن الأسود في قزحية عين البوم قد اختفى تاركاً في محله خطاً أبيض كانت هذه هي أول ملاحظة في هذه الطريقة التشخيصية الرائعة.
وبعد تخرج أغناز بشلي من كلية الطب “وكان قد تخرج قبلها في كلية الهندسة”، وبدء ممارسته للطب، أصبح لديه مجال واسع لدراسة قزحية العين وعلاقتها بالأمراض وذلك بملاحظة عيون مرضاه، وقد بدأ بوضع وتأشير مناطق أجزاء الجسم المناظرة في قزحية العين.
وبالإضافة إلى بشلى فقد كان هناك باحثون آخرون في هذا المجال منهم السويدي أباستور ليليكوستب الذي أصابه الهلع عندما رأ أن لون عينيه قد تحول من الأزر إلى الأصفر المخضر بعد أن تناول كمية كبيرة من الكنين لعلاج مرض ما، ومنهم الألماني أباستور فلكه وطلابه أماجدلين ماداوسب وابنتها إيفا فلنكب من بعدها.
و”ألفريد ماوباخ”، وبفلهلم زاهرزب الذي عالجه فلكه وأصبح بعدها من ألمع طلابه.. ومن الذين ساهموا في تطوير التشخيص القزحي الألماني أرودولف شنابل، وبعد أولئك الرواد استمر هذا العلم بالتوسع لأنه يعتمد على الملاحظات، فهو تجريبي بطبيعته.. وكلما تقدمت السنون جمعت معلومات أكثر وصوت علامات أكثر للأمراض المختلفة مما يزيد من كمية الصور التي يمكن مقارنتها، وهو ما يؤدي إلى تشخيص أفضل ودقة أكثر.
كيف يعمل ؟
يتألف الجزء المرئي من القزحية من ثلاثة أجزاء هي : البؤبؤ، وهو المركز الأسود الذي يدخل الضوء إلى العين وبياض العين، والقزحية، وهي الجزء الملون الذي يحيط بالبؤبؤ والذي هو مجال بحثنا.. عندما نسمع صوتاً مفاجئاً مؤثراً على نومنا المعتاد فإننا نصحو تماماً، وعندما يوخز دبوس أحد الأصابع فإن التحفيز يؤدي إلى سحب سريع جداً للإصبع قبل أن يتوافر للدماغ وقت لإرسال رسالة إلى العضلة المعنية، هذه الانعكاسات وأمثالها هي التي تحمل من قبل الجهاز العصبي السمبثاوي إلى القزحية، أما العلامات فتسمى العلامات الانعكاسية والتي تختلف عن العلامات الجينية.
وقد اكتشف الباحثون مؤخراً مستقبلات صغيرة في عيون الحيوانات التي تستطيع أن تغير لون جلدها كالحرباء مثلاً، وهي السحالي ذات اللسان الطويل، والتي تغير لون جلدها حسب المحيط، وقد يكتشف الباحثون شيئاً متشابهاً في عيون البشر في المستقبل.
ولنا تكملة في العدد القادم