خالد عبد القادر بكداش .
مع أواخر الثمانينات و بداية التسعينات ، ترددت على مسامعنا جملة ذات وقع جديد و كانت ” الغزو الثقافي ” و فسرها بعض المحللين بذلك الوقت بأن هناك هجمة غربية على تراثنا و ثقافتنا و موروثاتنا العربية الأصيلة .. لكننا لم ننتبه لهذه الجملة الغريبة التي كانت من شأنها أن تبعد الحضارة الغربية عنا و عن جيلنا الذي تربى على العروبة و تغذى على القومية العربية .
كان هناك من يحاول أن يصد عنا كل المدخلات الغربية التي لا تتلاءم مع مجتمعاتنا العربية المحافظة ذات العادات و التقاليد الثابتة .
كان هناك من يحاول أن يقف بوجه الريح العاتية التي تأتينا من الغرب .
حاول الغرب أن يصدر لنا عادات و تقاليد لا تتماشى مع مجتمعاتنا و أخلاقنا و حياتنا .. و تحت مسميات كثيرة ( حرية – ديمقراطية – عدالة – و غيرها الكثير ) من الجمل و العبارات التي تحمل معاني قوية و هامة و لكن ليس الأمر بالمعنى بل الأمر بالفهم و القدرة على التنفيذ ..
يبدو أن الجيل الجديد و تحديداً جيل التسعينات و ما بعد قد فسر هذه الشعارات على هواه و اتخذ من ” الهيب هوب ” رسالته و رؤيته للمستقبل ..
اتخذ الجيل الجديد من هذه الشعارات عنواناً له و تحولت العادات و التقاليد العربية الأصيلة إلى صفات يراه هذا الجيل تخلفاً و قدماً ليس له مبرر ..
قراءنا الأعزاء نحن لم نفقد أوطاننا فقط .. بل فقدنا أجيالنا التي كنا نصارع لنبنيها .. فقدنا بناة المستقبل و حماته ..
هذا ما حدث فعلاً في وطننا العربي ..
نحن لن نتحدث عن السبب الرئيسي لوصولنا لهذه المرحلة الحرجة لأن الحقيقة أن الأسباب كثيرة و نحن جزء منها .. حكوماتنا و قياداتنا عملوا على أن تملئ أرصدتهم البنكية و عملوا على أن يعيشوا بسماء ثانية فوق جميع البشر .. كان أهم شيء عندهم أن يأكلوا ما لذ و طاب و أن يسافروا بالطائرات الخاصة .. أن يقودوا سيارات من ذهب و ألماس .. و أن يكونوا الحدث الأول على شاشات التلفاز .. لكنهم تناسوا ان هناك من يعيش على الأرض معهم .. تناسوا أننا بأمس الحاجة للتعليم و الصحة و أن الجهل و الأمراض هما أخطر ما يتم تصديره لنا ..
هذه علتنا الحقيقية .. ملوك و أمراء و رؤساء .. قيادات و أشخاص يلبسون النجوم و لكنهم يعيشوا في دنيا ثانية ..
لا تصدقوا إن قالوا نحن نرعى حقوق الإنسان فالإنسان بالنسبة لهم هو عدد يتم احتسابه عندما يقتل أو يولد ..
لا تصدقوا أن الشعارات الوهمية التي يصرخون بها حقيقة .. فهي ليست أكثر من وهم و حلم .
نحن الآن ضحية هؤلاء المهرجين .. أصحاب السلطات العليا .. نحن ضحية الذين يلبسون الأقنعة البيضاء .
و هي حقيقة أنقلها لكم .. إن لم نصحى من سباتنا سنبقى بين سندان الخيانة و مطرقة الجهل .