بقلم: حسّان عبد الله
يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم في إحدى قصائده:
الأمُّ مدرسةٌ إذا أَعْدَدْتَها أَعْدَدْتَ شعبًا طَيِّبَ الأَعْراقِ
فالأمُّ هي المدرسةُ الأولى التي يتلقّى الطفلُ منها عنايتها الأولى، ثمَّ ينتقل إلى المدرسةِ الثانية مدرسة المجتمع.
منذُ أسبوعٍ فتَحتْ المدارسُ أبوابَها لاستقبالِ طلّابها للعام الدراسي الجديد . فالمدرسة بناءٌ أساسيٌّ من أبنيةِ المجتمعِ وأعمدتِهِ ، أوجدَها لتقومَ بتربيةِ أبنائِهِ وتنشئتِهمْ وصبغِهم بصبغةٍ مستظلّةٍ ومسترشدة بالفلسفة والنظم التي رسمَها وحدّدها بدقَّةٍ متناهية . تتأثّرُ بكلِّ كبيرةٍ وصغيرةٍ تجري في هذا المجتمع وتخضع للدوافع والمواقف السائدة فيه والمسيِّرة له ، أمّا وظيفة المدرسة الأساسيّة فهي تنشئة الجيل الطالع على أسسٍ رسمها المجتمع وهي بالتالي الأداة والآلة والمكان الذي بواسطته ينتقل الفرد من حياة التمركز حول الذات إلى حياة التمركز حول الجماعة ، إنّها الوسيلة التي يصبحُ من خلالها الفرد الإنسان إنسانًا اجتماعيًّا وعضوًا عاملًا وفاعلًا في المجتمع . فالمدرسةُ إذن هي المؤسسة التي تنفّذ الأهدافَ التي يريدها ويرسمها المجتمع وفقًا لخططٍ ومناهجَ محدَّدة وعمليّات تفاعل وأنشطة مبرمجة داخل الفصولِ الدراسيّة والفنيّة والثقافية والاجتماعيّة والرياضيّة وغيرها. ولمّا كانت التربية هي الحياة فقد اقتضى الأمر أن تكون المدرسة جزءًا حيًّا ناميًا وليست معزولة عن المجتمع الذي نشأَتْ فيه ، والمدرسة في مسيرتها ليست للعناية بما هو كائن فقط ، ولكنّها تهتم بما ينبغي أن يكون أي أنّها تهتمُّ بالماضي ليكونَ عِبرةً للحاضرِ وتخطط من خلال مسيرتها للمستقبل.
وهكذا تصبحُ المدرسةُ هي تلك المؤسسة التي أنشأَها المجتمع لتكون قيمة على الحضارة الإنسانيّة والثقافيّة الخاصة به لتتولّى تربية نَشْئِه الطالعِ وتكيّفه مع الحياة من حولِه.