للكاتب الدكتور: زياد بشاره أفرام
ألم أقل لكم أنني تحجَّبت! وذلك من زمن طويل وأنا أرتدي هذا الحجاب، بعدما كانت العادة والبيئة تفرض ذلك. ومرت السنين وأنا متمسكة بتلك العادة، لست أدري إن كنت على يقين بما أفعل، أهو تمسك بالدين أم بالعادة. إلى أن جاء يوم وقلت لوالدتي بأنني لست مقتنعة بذلك الأمر! وأني لست على دراية بما أفعل لذلك أريد أن أنزع هذا القماش الملون أحياناً، وفي بعض الأحيان يكون من لون واحد، فما أدراني ما الفرق حتى بالألوان لست عالمة!
أيعقل بأن أدخل الجنة أم النار؟ كنت أتساءل وما زلت عن هذا الوصف الذي ولدت به وأنا أسمعه من الجميع مَن حولي “الجنة والنار”
أيعقل بأن الله يدخلني لجهنم وأنا عاقلة ولكنني الآن لست محجبة! فيكون إلهي بهذه القساوة، لست أدري. ألستم أنتم من أخبرتموني بأن الله غفورٌ رحيم؟
أولستم أنتم الذين وصفتم صفات الله التي من كثرتها لا تُعَدّ!
لذلك سوف أسهل الأمر عليكم أيها القوم، ويا أيها المؤمنون!
“خلعت هذا الحجاب” الذي كنت ملتزمة به لإرضائكم، أما اليوم سوف أبدأ بإرضاء نفسي ثم أنتم إن فعلت!
أنتم الذين دستم على قبر والدي، وأنتم الذين وقفتم تعزون به، ومعنا! في هذه المصيبة التي أصابتنا، أنتم الذين قلتم ما قلتموه عن والدي من صفات حسنة وجميلة، ليتمنى أي شخص أن يموت حينها، أو أن يكون مثله.
نعم دستم على قبره ولن تبالوا بما مدحتم به وعنا. عندما بدأتم ببيع روحه الثمينة التي لا نقدرها بثمن، وأنتم رخصتموها لتجعلوا منه بطلاً وقد مات مقابل حفنة من المال، ألستم أنتم الذين تبايعون دمه الذي أهدر على الطريق في تلك المناسبة. أنتم تنظرون إلى موته بطريقتكم الوحشية العقائدية، أما نحن ننظر اليه سيدنا وسيد المنزل الذي أسسه، الم تفكروا بنا نحن البنات اللواتي تيتمّنَ باكراً، ولم تأبهوا لذلك الأمر الإنساني. لماذا لم تَقُرأو ذلك في أعيننا، لماذا!
ولم تواسونا بل جئتم بعد عدة شهور تعرضون علينا ما اتفقتم عليه مع أهل القتيل، أهكذا تصنعون رجالاً بدون القيم.
أنتم لكم إلهكم وأنا لي إلهي، لن أسامحكم مهما حييَّت!
سأذكركم بذلك عند موتكم واقفة على قبركم كما فعلتم، على قبر والدي. بل سوف أذكركم بأن هذا الوالد الحنون المحب، الذي كان دائماً همه بناته وزوجته الحبيبة. أيَّ عار لبستم وأيةِ عباية ارتديتم عندما كنتم تفاوضون! أكانت عباية الكرامة والشهامة والشرف؟ أما العكس حسبما تعيشون الآن. ويلكم منا فقد أورثنا الكرامة والقيم الإنسانية. وسنبقى متلحفين بها، وبما علَّمنا هذا الوالد الذي كان ينبضُ شهامة ورجولية. ومن المؤكد لو حصل هذا الأمر مع أحد منكم، لكان هو المعارض على أية مفاوضة، وترك العدل والعدالة هي من تُدّفِع ثمن دم الفقيد الغالي!
أرغب الآن التكلم عن نفسي لأنكم لا تستحقون أكثر مما قلت، والذي أردت دائما أن أقوله.
أرغب الآن لأقول لكم للجميع أنا “المتمردة” التي سوف تعيش لتحيا، التي تملك حريه بحجم الكون، التي تحب شقيقاتها وأمها لأخر رمق يخرج من صدرها، التي لا تخاف الوِحدَة لاستقلاليتها من الداخل، التي مهما حاولتم التحكم بها سأبقى المتمردة!
انا الفتاه التي تشبه والدها، وتنبض بقلب أمها وشرف شقيقاتها. اذهب للعمل كل يوم ومثابرة وسعيدة بما أفعل.
والطموحة والتي وضعت هدفها أمامها لتحققه، وسوف تصل إليه، لتنفض غبَار مجتمعكم الدنيء!
الفتاه التي تحب وتسعى لترَى حبيبها على حصانه الأبيض! ليمر ويخطفها ولن تتخاذل في الذهاب معه، ولكنني منتظرة.
انا الفتاة الصلبة التي خرجت عن عاداتكم السخيفة المحبطة، هذه العادات التي لا لون لها ولا طعم، لذلك أصبحت أبحث عن الإله الذي يشبهني ويشبه طموحاتي لألتجئ اليه! الإله الذي أرتمي بين احضانه لأشعر بالأمان والمحبة، هو الذي سوف يأخذني معه إلى ما تُسَمّوُن الجنة هو الذي يَشعر بحزني وفرحي. سأمضي معه من دون أن التفت إلى الوراء لأنظر اليكم، أيها القوم المتعجرف، المتسلط، يا أيها القوم المراؤون.
امي حبيبتي شقيقاتي مهما عصفت رياح الظلم والقهر أعدكنّ لن أنكسر ولن تستطيع أن تكسرني، فأنني أستمد قوتي منكم، ومعاً سوف نصل إلى ما نصبوا ليه. اليوم أشجعكن على أخذ حريتكم بقراركم، كما أنا فعلت، واصبحت الحرة المتمردة على الماضي ولن أعود إلى الوراء.
املك من العزم الكثير ليبقيني صلبة، ومقاومة إلى آخر قطره ونفس!
ولأنني هكذا….. سوف أوَدِعَكُم بهذه الرسالة، وأودع الحكماء بينكم!
لست ذاهبة إلى الجنة بل سوف أستعمل حريتي لأطوف العالم، باحثة عما هو أجمل منكم، لأعيش بسلام واستفيد من هذه الحرية التي أعرف أين هي حدودها، ويا ليتكم تعرفون حدود تعجرفكم! كفى، كفى، ظلماً. وعبثا معي وعائلتي انتبهوا منا.
أنا الفتاه التي سوف يأتي اليوم سأوجهكم جميعاً وجهاً لوجه، لا بل عيناً بعين. لأهدم ما بنيتم من عقائد مزيفة، ودَجَل.
وأخيراً سوف أبقى انتفض وانتفض حتى ولو بقيت وحدي في رقعة الحرية التي لا ظلم بها. لأصل إلى بيوتكم وعائلاتكم، وانفض الغبار الذي وضعتم عليها لتشع من جديد باسم الحرية!
إلى روح أبي سأناضل.
إلى حبيبتي عائلتي.