بقلم: فريد زمكحل
لم يكن كل ما حدث في سوريا على مدار سنوات عديدة مضت وحتى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد منذ أيام قليلة من أجل تحرير الشعب السوري وتفعيل النظام الديمقراطي المنشود، وإنما لتحقيق بعض المكاسب الأمنية والاقتصادية لإسرائيل وبالتبعية للإدارة الأمريكية التي تساندها لتفتيت المفتت وتقسيم المقسَّم، بعد الإجهاز التام على فصائل المقاومة «الإسلامية» سواء في فلسطين ممثلة بمنظمة حماس أو في جنوب لبنان ممثلة بحزب الله، الأمر الذي ساهم بالسقوط السريع لنظام الحكم السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
وقد كشف تحقيق سري لجهاز المخابرات الألماني، بأن ما حدث في سورية أدى إلى شن الجيش الإسرائيلي لأكبر هجوم له في تاريخ حروبه ضد العرب وتحديداً ضد سوريا منذ تأسيس إسرائيل، وفي ثلاثة أيام فقط نجح فيها من تدمير كل شئ في هذه الدولة. بعد خطف واغتيال ما يقرب من 300 عالم سوري بالإضافة لقتل واغتيال عدد من رجال الدين في دمشق علاوة على قيامه باحتلال مساحات واسعة في الجولان وأجزاء من ريف مدينة القنيطرة، ومدينة البعث.
كما قام بتدمير ما يقرب من ثماني سفن حربية وما يقرب من 35 معسكر ومخزن للسلاح، وضرب وتدمير 380 طائرة حربية على اختلاف أنواعها من طائرات حربية وأخرى مروحية من فخر الصناعات الروسية، كما قام بضرب وتدمير 82 رادار للدفاع الجوي منها 7 للطيران المدني.
هذا بخلاف ضرب وتدمير 14 مخزن للصواريخ القصيرة المدى وطويلة المدى وخمسة مخازن لصواريخ الكاتيوشا وصواريخ جراد الروسية الصنع.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا على الجميع، هو لماذا قام الجيش الإسرائيلي بكل هذه العمليات العسكرية ضد سوريا حتى بعد تأكده من سقوط نظام الأسد؟
والإجابة بسيطة أولاً لتأمين إسرائيل من أي اعتداءات مستقبلية محتملة ضدها، وأيضا لعدم ترك مثل هذا الكم وهذه الكيفية من الأسلحة تحت أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة والمدعومة من أكثر من جهة وأكثر من دولة سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب ولكن لاعتبارات اقتصادية أيضاً على جانب كبير من الأهمية كشفها تقرير الخبير الاقتصادي الأمريكي المحاضر والأستاذ في جامعة كولومبيا (Jeffrey Sachs) ونشر على صفحات (وول ستريت جورنال)، وجاء فيه التالي:
1- وهو أنه من الممكن أن يعيش حوالي 80 مليون سوري بدخل شخصي للفرد الواحد بما يساوي ويتساوى مع دخل الفرد العامل في هولندا أو بلجيكا، وعدّد في مقاله ما يوجد في سوريا من ثروات كالتالي:
- 70% من الشعب السوري تحت سن الثلاثين.
- امتلاك سوريا للعديد من الحقول البترولية الكبرى منها :
1- حقل التيم: بدير الزور والذي يستطيع أن يصل بدخل المواطن السوري لمثيله في الدول الأوروبية.
2- حقل كبيبة: بالحسكة والذي لا يستطيع الخبراء من العاملين فيه من فتح ضغط المضخات فيه لأكثر من 50% خوفاً من حدوث كوارث أو فيضان في المنطقة.
3- حقل التنك: والذي يخرج منه النفط كالشلال بارتفاع يصل إلى 12 متراً.
4- حقل العمر: وهو من أضخم حقول النفط بالشرق الأوسط وأغناها وموجود بدير الزور
5- حقل رميلان: الموجود بالحسكة ويمكنه أن يجعل من سوريا (قطر جديدة) للكميات الهائلة الموجودة فيه من الغاز المسال.
6- هذا بخلاف حقول «الجبسة والشاعر وكونيكو» الموجودة في الحسكة وحمص ودير الزور.
7- هذا بخلاف الثروات الأخرى التي تتمتع بها الأراضي السورية ومنها جبال الرخام والحجر والجرانيت الأجود عالمياً وبكميات كبيرة وهائلة.
8- ثلثي أثار العالم موجودة في سوريا ما يجعل منها مزاراً سياحياً من الطراز الأول والذي من الممكن أن يحقق مئات المليارات من الدولارات سنوياً لو تمت إدارته بالصورة المثلى والمناسبة.
9- موقع سوريا المتميز جغرافياً واستراتيجياً.
كل هذه العوامل يجعل من سوريا محل أطماع للعديد من الدول سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لذا لابد من العمل على عدم استقرارها والأفضل لو تم تقسيمها إلى أكثر من دولة تجعل لإسرائيل الغلبة والكلمة الفصل عليها في النهاية.
وهذا ما لا يمكن أن يحققه لإسرائيل أي نظام ديمقراطي مستقر لذا كل ما نسمعه عن الحرية والديمقراطية ما هو سوى حزمة من الأكاذيب التي يغازلون بها مشاعر البسطاء من أبناء سوريا .. والله غالب!