بقلم: حسّان عبد الله
تَحْتَلُّ المُعَلَّقَاتُ السَّبْعُ المَقامَ الأَوَّلَ بَيْنَ قَصائِدِ الجَاهِلِيَّةِ كُلِّها ولا تَزالُ لها المَكانَةُ الكُبْرى في كُلِّ العالَمِ العَرَبي ويَعْتَبِرُها الأُدَباءُ أَبْدَعَ ما أَخْرَجَتْ صِناعَةُ الشِّعْرِ . وقد ورَدَ في الأساطيرِ أنَّ كُلًّا من هذه المُعَلَّقاتِ اسْتُجيدَتْ ونالَتْ السَّبْقَ في سوقِ عُكاظ السَّنَوِيَّة وأنَّها راقَتْ النَّاسَ فكُتِبَتْ بماءِ الذَّهَبِ وعُلِّقَتْ على أَسْتارِ الكَعْبَةِ ، فلذلك يُقالُ : مُذَهَّبَةُ فُلانٍ إذا كانَتْ أَجْوَدَ شِعْرِهِ . ويُفْهَمُ منَ الأخْبارِ أنَّ نَشْأةَ المُعَلَّقاتِ مَقْرونَةٌ بسوقِ عكاظ التي أُقيمَتْ بينَ نَخْلَةَ والطَّائِفِ في الحِجاز سنَةً تِلْوَ أُخْرى فجاءَتْ كِنايَةً عنْ مَجْمَعٍ أدَبي أَمَّتْهُ فُحولُ الشُّعَراءِ تَتَبارى بِأَشْعارِها للفوز.ولم يكنْ للشَّاعرِ منْ مَجْدٍ أعْلى منَ الفَوْزِ في هذه السُّوق. إِذَنْ سوقُ عُكاظ في جاهِلِيَّةِ التاريخِ العربي كانتْ أَشْبَهَ شَيْءٍ بِأكاديمِيَّة فرنسيّة في بلادِ العَربِ ، ولقد تَباهى الفائِزُ فيها مُباهَاة البطلِ المُجَلي من أبْطالِ الإغْريقِ في أَلْعابِهِمْ الأولمبِيَّة ، وليس بين نائِلي جائزة نُوبل اليوم منْ يَزيدُ فَخْرُهُ عن فَخْرِ أَحَدِ أولئك الفائِزينَ في عُكاظِ الجاهِلِيَّةِ. وقد ذَهَبَ الرُّوَاةُ إلى أنَّ أوَّلَ قَصيدَةٍ نالَتْ إعْجابَ الحُكَّامِ في عكاظ هي معَلَّقَة امرئ القيس ومطلعها:
قِفَا نَبِكِ منْ ذِكْرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللوى بينَ الدّخولِ فَحوْمَلِ
ولم تجْمَعْ هذه المُعَلَّقاتُ إِلَّا في العصر الأُمَوِيّ.