عادل عطية
كان يُحرّك رأسه، وهو ينظر إلىّ، وكأنه يبحث عن السبب المخفي وراء حطام وجهي. ثم سألني: «ما بك؟!».
جاوبته، بغضب، وكأنه المسؤول عن معاناتي: «لماذا أشعر بقدر لا بأس به من السخط والاستياء في الحياة، واشتياقات لن تتحقق أبداً على هذه الناحية من الأبدية؟».
كان على وشك أن يجيب على سؤالي بسؤال، ولكنه أجاب على سؤاله الذي لم يطرحه، وقال: «لن تكون السمكة سعيدة على الاطلاق بالحياة على اليابسة؛ ذلك لأنها خُلقت كي تعيش في الماء. كما لن يشعر النسر بالرضا أبداً؛ إذا لم يُسمح له بالطيران».
ولأنه ظن انني لم استوعب مغزى أطروحته هذه، قال: «وهكذا أنت: لن تشعر أبداً بالشبع الكامل، حتى ولو كانت لديك أوقات سعيدة هناعلى هذه الأرض؛ فالأرض ليست مسكننا النهائي».
ـ وهل يكفي أن أنام هنيئاً بعد ما قلته، وأنسى معاناتي؟!..
ـ المعاناة، وُجدتلتمنع الإنسان من أن يصبح مرتبطاً جداً بالأرض، وليدرك بأنه عند الموت، لا يترك مسكنه في الحقيقة، ولكنه سوف يذهب إليه!
ولم يتركني صديقي، إلا بعد أن رأى بنفسه: بسمة أمل، ترتفع من رماد وجهي!…