واجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وسلفه في البيت الأبيض دونالد ترامب، ليل الخميس الجمعة، في مناظرة تلفزيونية نظمتها شبكة سي إن إن، وبدأت من بوابة الاقتصاد التي هي على رأس أولويات الشعب الأمريكي.
لم تكن المناظرة مجرد حدث انتخابي، بل كانت معركة ساخنة حملت في طياتها توجهات مستقبلية مهمة للأمة الأمريكية، كما أنها تلعب دورا كبيرا في تحديد مسار السياسة الأمريكية ومكانتها في المشهد العالمي. وتأتي ضمن مناظرتين تم الاتفاق بشأنهما في إطار الحملات الانتخابية في السباق الرئاسي.
قال بايدن إنه تم التعامل مع الاقتصاد الذي وصفه “بالمنهار” خلال فترة ترامب من خلال إنشاء فرص عمل جديدة، وأضاف “الطبقة الوسطى كانت تعاني وكنا نواجه مشاكل مع أسعار المنازل والوقود وأسعار المواد الأساسية.. عندما غادر ترامب كانت هناك فوضى”.
وبحسب بايدن، فإن ترامب هو المسؤول عن ارتفاع الدين الوطني، وقال “كان الدين خلال ولايته أكبر من أي فترة أخرى في تاريخ أمريكا، وخفض الضرائب على الأثرياء، ولو أنهم قدموا أربعة وعشرين أو خمسة وعشرين بالمئة لتمكنا من الحصول على أموال للقضاء على الدين وتعزيز نظام الرعاية الصحية والسماح لمساعدة الأمريكيين للتعامل مع مشاكل كثيرة”.
وفي المقابل، رفض ترامب اتهامات بايدن له بشأن الاقتصاد، وقال “تخفيض الضرائب على الشركات كان يعيد مئات المليارات من الدولارات، وبدأنا في سداد الديون ثم جاءت الجائحة ووفرنا كل العلاجات”. كما اتهم ترامب بايدن بتدمير الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، ووصف ما فعله بايدن في هذا الشأن ” بالإجرامي” على حد تعبيره.
وشكلت مسألة الإجهاض وإلغاء قانون “رو ضد ويد” محورا أساسيا في المناظرة، وقد بدا الاختلاف الشديد في وجهتي نظر الطرفين. الرئيس السابق دونالد ترامب دافع بشدة عن موقفه بشأن إلغاء القانون، وقال “الكل كان يريد إعادة الصلاحيات للولايات، وما فعلته أنني عينت ثلاثة في المحكمة العليا صوتوا لصالح إلغاء هذا القانون وإعادة الصلاحيات للولايات، وكل مفكر قانوني أراد ذلك”.
أما بايدن فقد دافع عن حق المرأة في الإجهاض، ورفض تدخل السياسيين في صحتها، على حد تعبيره، وأضاف “المرأة تقرر مع طبيبها وهو أمر يتعلق بها”.
ومسألة الهجرة كانت حاضرة وبقوة في المناظرة، وقد دافع الطرفان عن سياساتهما في هذا الشأن. الرئيس بايدن أكد على العمل بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري من أجل التوصل إلى حل للمهاجرين، مشيرا إلى أن عدد من يدخلون الحدود في الوقت الحاضر أقل من السابق.
ومن جانبه اتهم ترامب المهاجرين بأنهم يقتلون المواطنين الأمريكيين، وأضاف: “نحن تقريبا دولة غير حضارية من جراء فتح الحدود وعلينا إخراجهم بسرعة لأنهم يدمرون بلدنا بينما يموت المحاربون القدامى في الشوارع”.
وكان للسياسة الخارجية نصيب كبير في المناظرة، وعبر كل من الطرفين عن رأيه فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وغزة. وحمل ترامب بايدن مسؤولية مقتل الكثير من الناس من جراء الحرب في أوكرانيا واتهمه بتشجيع روسيا على ذلك وجر العالم إلى “حرب عالمية ثالثة”، وأضاف قائلا “هذه حرب ما كان يجب أن تبدأ لو كان هناك قائد، هذه الحرب سوف تنتهي قبل أن أستلم منصبي في العشرين من يناير، الناس تقتل وسوف أسوي المسألة”.
أما بايدن، فقد شدد على أهمية مواصلة دعم أوكرانيا ضد روسيا، وأن كل الأموال التي قدمتها إدارته هي عبر الأسلحة التي تصنع في أمريكا، وأضاف: “بوتين يسعى الى إعادة الجمهورية السوفيتية، ولو نجح في الحرب فإنه سيستمر”.
وانتقد ترامب سياسات بايدن التي زعم أنها كانت السبب وراء وقوع هجوم السابع من أكتوبر، وأضاف “بايدن يقول إن حماس هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، عليهم إنهاء الأمر”. كما وصف ترامب بايدن “بالفلسطيني السيئ” في إشارة لتأييد الرئيس الأمريكي للفلسطينيين على حساب إسرائيل، على حد تعبيره.
وأعرب دبلوماسيون ومسؤولون أجانب عن خيبة أملهم وحتى قلقهم من أداء الرئيس بايدن بحسب صحيفة “بوليتيكو”.
وأشار الدبلوماسيون والمسؤولون إلى أنه بينما أدلى ترامب بتصريحاته الغريبة المعتادة، برز ضَعْف بايدن جلياً، ولفت بعضهم إلى أن القلق يساورهم من أن الرئيس الأمريكي الحالي يستعد لولاية ثانية كزعيم لقوة عظمى مسلحة نووياً، على حد وصفهم.
من أبرز زلات بايدن وترامب خلال المناظرة
خلال مناظرتهما الرئاسية الأولى، ردد الرئيس السابق الأمريكي دونالد ترامب العديد من المزاعم، لكنها حملت الكثير من الزلات.
وخلال حديث ترامب عن تمرد السادس من يناير/كانون الثاني، زعم دون سابق إنذار أن الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك كانت تبدو نظيفة في ذلك اليوم، وفقا لموقع ديلي بيست الأمريكي.
وقال ترامب قبل أن ينطلق عبر سلسلة من المزاعم الأخرى: «في السادس من يناير/كانون الثاني، كانت لدينا حدود عظيمة».
كما حوّل ترامب الأسئلة حول الاقتصاد بسرعة إلى ردود حول أزمة الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وفي مرحلة أخرى من المناظرة، ادعى ترامب أن إدارته «اشترت أفضل كلب» للقضاء على إدمان المواد الأفيونية، دون أن يذكر تفاصيل أو أي شيء عن هذه القضية.
كما حاول الرئيس السابق القول إن لياقته المعرفية أفضل من جو بايدن، لأنه فاز «ببطولتين للأندية». ولم يذكر ترامب أن كلاهما كان في ملاعب الغولف التي يملكها.
وقال ترامب: «أجريت اختبارين معرفيين. أود أن أراه يفعل ذلك، هو لا يستطيع ذلك. كنت أخضع لاختبارات بدنية كل عام… فزت ببطولتين للأندية، ولم تكونا على مستوى الكبار. للقيام بذلك، عليك أن تكون ذكيًا للغاية وينبغي أن تكون قادرًا على ضرب الكرة لمسافات طويلة، وأنا أفعل ذلك».
وذكر ترامب عن بايدن: «إنه لا يمكنه فعل ذلك. لا يستطيع ضرب الكرة لمسافة 50 ياردة، ثم تحدى بايدن ترامب مرة أخرى في لعبة غولف».
كما حاول ترامب، على نحو غير معهود، استعراض نواياه الحسنة في مجال حماية البيئة. وزعم الرئيس السابق أن الأمة حصلت على «أفضل H20 (المفترض أنها H2O الرمز الكيميائي للمياه) على الإطلاق» خلال فترة ولايته.
وقال ترامب: «المياه والهواء النظيفان، لقد حصلنا عليهما. لقد حصلنا على أفضل أرقام H20 على الإطلاق، وكنا نستخدم جميع أشكال الطاقة خلال السنوات الأربع التي أمضيتها. أفضل الأرقام البيئية على الإطلاق، لقد أعطوني الإحصائية (هكذا) قبل أن أصعد على المسرح فعليًا».
وبطريقة ترامبية حقيقية، أعطى الرئيس السابق لنفسه صيغة تفضيل غير متوقعة، مدعيا في نهاية المناظرة: «لدي القلب الأكبر على المسرح. أؤكد لكم ذلك».»
في المقابل، ادعى الرئيس الأمريكي جو بايدن، البالغ من العمر 81 عامًا، خطأ في أثناء حديثه عن قانون الضرائب، أن أمريكا بها «ألف تريليونير»، لكنه عاد ليصحح نفسه قائلا: «أعني ملياردير».
وخلال حديثه عن الإجهاض ذكر بايدن «الدورة الشهرية» (Period) ثلاث مرات.
كما تعثر بايدن أكثر من مرة، إذ فقد بايدن تسلسل أفكاره مرات عدة، وتمتم، وتجمد في منتصف جملة بأول مناظرة رئاسية كارثية ضد منافسه ترامب.
وانحرفت إجابته من إجابة حول السياسة الضريبية إلى السياسة الصحية، إذ ذكر «كوفيد-19» قبل أن يقول «معذرةً»، ثم يعود ليقول: «تغلبنا أخيرا على برنامج الرعاية الطبية»، قال بايدن في إشارة إلى الرعاية الصحية لمن هم فوق الـ65 عاما مع نفاد وقته.
وسارع ترامب بالرد: «هذا صحيح، لقد هزم برنامج ميديكيد بالفعل، لقد هزمه حتى الموت».