قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة مع المذيع الأمريكي تاكر كارلسون، إن “هزيمة روسيا في أوكرانيا مستحيلة”، مؤكداً أن تفاوض الغرب مع موسكو هو “الحل الأفضل”، كما شدد على أن العلاقات بين موسكو وكييف سوف “تتعافى”.
وأضاف بوتين، خلال المقابلة التي استمرت ساعتين وأذيعت اليوم الجمعة، “هذه التعبئة في أوكرانيا، هذه الهستيريا، والمشاكل الداخلية، ستؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى اتفاق.. يبدو هذا غريباً نظراً للوضع الحالي، ولكن العلاقات بين الشعبين سيُعَاد بناؤها على أي حال، سيستغرق الأمر الكثير من الوقت، لكن العلاقات ستتعافى”.
إلّا أنه في سياق حديثه، وصف أوكرانيا بأنها “دولة مصطنعة أُنشئت بناء على رغبة (الزعيم السوفييتي السابق جوزيف) ستالين، ولم تكن موجودة قبل عام 1922”.
وشدد بوتين على أن روسيا “ستقاتل حتى النهاية” للدفاع عن مصالحها. وحثَّ البيت الأبيض على التركيز على القضايا الداخلية في الولايات المتحدة.
واعتبر أن لدى الولايات المتحدة “مشكلات عدة، على الحدود، وقضايا الهجرة، وقضايا الدين العام التي تبلغ أكثر من 33 تريليون دولار”، متسائلاً “أليس من الأفضل التفاوض مع روسيا، وعقد اتفاق؟”.
رداً على سؤال كارلسون بشأن ما إذا كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد يقبل سيطرة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، قال بوتين “دعوهم يفكرون في كيفية القيام بذلك بكرامة، هناك خيارات إذا كانت هناك إرادة”.
واستدرك بقوله إن روسيا “خُدعت” من قِبَل الغرب بعد نهاية الحرب الباردة: “لقد وقعت ضحية لحلف شمال الأطلسي العدواني”.
وتابع “دعونا ندخل في حقيقة أنه بعد عام 1991، عندما توقعت روسيا أن يتم الترحيب بها في أسرة الأمم المتحضرة، لم يحدث شيء من هذا القبيل. لقد خدعونا”، مؤكداً أنه يتحدث بالطبع عن الولايات المتحدة، لأن “الوعود كانت أن الناتو لن يتوسع شرقاً، لكنه حدث 5 مرات، كانت هناك 5 موجات من التوسع”.
وبسؤاله عن “هل بإمكانك أن تتخيل سيناريو ترسل فيه قوات روسية إلى بولندا؟”، أجاب بوتين “في حالة واحدة فقط: إذا هاجمت بولندا روسيا”، لافتاً إلى أنه “ليست لدينا مصالح في بولندا أو لاتفيا، أو في أي مكان آخر. لماذا نفعل ذلك؟ ببساطة ليست لدينا أي مصلحة… هذا غير وارد بتاتاً”.
ونوَّه بوتين بأن روسيا كان بإمكانها الانضمام إلى “الناتو” تحت قيادته، لكن انفتاحه على هذه الفكرة قوبلت بالرفض من قِبَل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وأشار الرئيس الروسي إلى أنه “بمجرد سحب قواتنا من كييف، ألقى المفاوضون الأوكرانيون على الفور جميع اتفاقاتنا في سلة المهملات، واستعدوا لمواجهة مسلحة طويلة الأمد بمساعدة الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا”.
وأعاد التأكيد على أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي “في غضون أسابيع قليلة” إذا توقفت الولايات المتحدة عن إمدادها بالأسلحة، مبيناً “سأخبركم بما نقوله في هذا الشأن وما ننقله إلى القيادة الأميركية.. إذا كنتم تريدون حقاً وقف القتال، فعليكم أن تتوقفوا عن توريد الأسلحة، وسوف تنتهي الحرب في غضون بضعة أسابيع، هذا كل شيء”.
ولا يتذكر بوتين آخر مرة تحدَّث فيها إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقال: “لدي أشياء خاصة أقوم بها”، قبل أن يضيف “قلت له.. أعتقد أنك ترتكب خطأ فادحاً ذا أبعاد تاريخية، من خلال دعم كل ما يحدث هناك في أوكرانيا، من خلال محاولة إبعاد روسيا”.
وقال الرئيس الروسي إن ألمانيا تزود أوكرانيا بالمال والسلاح و”هي الثانية بعد واشنطن”.
وأقرَّ بوتين بأن الغرب يخشى الصين أكثر من روسيا، لافتاً إلى “الإمكانات الهائلة” لجارته الجنوبية. وقال إن “الغرب يخاف من الصين القوية، أكثر من خوفه من روسيا القوية، لأن موسكو لديها 150 مليون نسمة، وبكين يبلغ عدد سكانها 1.5 مليار نسمة، واقتصادها ينمو بسرعة فائقة، بنحو 5%”.
وألمح إلى أنه “كان ينمو أكثر من ذلك، لكن هذا يكفي بالنسبة للصين، وكما قال (المستشار الألماني الأول، أوتو فون) بسمارك ذات مرة، الإمكانات هي الأهم. وإمكانات الصين هائلة”.
وفي سياق حواره، قال بوتين: “العالم ينقسم إلى نصفين.. ودماغ الإنسان ينقسم إلى نصفين أيضاً، أحدهما مسؤول عن نوع واحد من الأنشطة، والآخر مسؤول عن الإبداع وما إلى ذلك.. ولكنه لا يزال دماغاً واحداً في الرأس نفسه. يجب أن يكون العالم واحداً، وينبغي أن نتقاسم الأمن، بدلاً من المطالبة بـ(المليار الذهبي)، هذا هو السيناريو الوحيد الذي يمكن للعالم أن يكون فيه مستقراً ومستداماً”.