بقلم: سليم خليل
جرت العادة في التاريخ وعند تغيير الحكومات أن يحصر الحكام مراكز النفوذ في محيط العائلة أو في المؤيدين والأحزاب ؛ والمعروف عن الإمبراطور الفرنسي نابليون أنه سلم الحكم في عدة بلدان أوروبية لأشقائه .
عندما أنتقل نابليون إلى القصر الملكي عام ١٧٩٩ استدعى شقيقه الأصغر في العائلة ليقيم في القصر ويتأقلم في محيط النخبة السياسية تحضيرا لتسيلمه في المستقبل الحكم في البلاد المحتلة وليكون بجانب زوجته جوزفين في فترات غيابه في الحروب أو المهمات السياسية .
أول من تذمر من وجود الشقيق جيروم سيدة القصر جوزفين زوجة نابليون لأن جيروم وهو في الخامسة عشر عاما أخذ يتصرف وكأنه إبن عائلة ملكية عريقة ؛ إستدعى مشاهير الأزياء لتفصيل ألبسته من أغلى الأقمشة ثم الأحذية والمفروشات وشراء أغلى ما وجد من التحف منها أدوات تدخين من الذهب الخالص كانت للملك لويس الرابع عشر الشهير وجيروم لا يدخن .
عام ١٨٠٢ أرسل نابليون شقيقه جيروم في مهمة بحرية إلى جزيرة هاييتي لتحضير احتلال وسط الولايات المتحدة الآن؛ لكن الحملة فشلت لانتشار وباء مميت حمله بعوض قتل عشرة آلاف جنديا من أصل عشرين ألفا في منطقة سان دومينيك ؛ والغريب أنه لم يُعرف مصير جيروم إن كان من بين الأموات أو الأحياء .
لاحقا ما عًرف عن جيروم أنه إلتجأ إلى سفينة حربية أميركية أنزلته في فيرجينيا ؛ من هناك تمكن من الوصول إلى سفارة فرنسا حيث استدان من السفير مبلغا يعادل الآن نصف مليون دولار وغادر للإطلاع على معالم أميركا ومناطقها السياحية … في مدينة بالتيمور تعرف على الفتاة إليزابيت باترسون إبنة ثاني أغنى رجل في أمريكا ووقعت في غرامه وتزوجها. أمضى العروسان أجمل شهر عسل ملكي تنقلا
إلى أجمل المواقع السياحية بما فيها شلالات نياغرا .
علم جيروم أن نابليون نصًب نفسه إمبراطورا على فرنسا وقرر العودة إلى فرنسا مع زوجته لحضور إحتفالات التنصيب الإمبراطوري ؛ في هذه لأثناء كان نابليون غاضبا من زواج شقيقه وأمر بإلغاء الزواج ومنع زوجة شقيقه من دخول فرنسا .
عاد جيروم وزوجته على سفينة إلى أوروبا ومَنعت الزوجة من دخول المرافئ الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية إلخ
واضطرت للعودة إلى أميركا ؛ أما جيروم تبلغ أمر اعتقاله وتسليمه للقصر .
عام ١٨٠٧ صدر حكم فسخ زواج جيروم وتبلغت زوجته في أميركا ؛ أرسل جيروم رسالة اعتذار إلى زوجته أنهى فيها رحلة الغرام القصيرة ؛ ثم زوَجه نابليون الأميرة كاترينا إبنة الملك فريديريك ملك منطقة روتمبيرج الألمانية كعربون صداقة وتحالف؛ وبعد مدة قصيرة توج جيروم ملكا على ألمانيا بعد غزوها من جيوش نابليون .
أرسل جيروم رسالة إلى إليزابيت يدعوها لتعيش كأميرة مع إبنه في مملكته ووعد بتأمين حياة ملكية لها ولإبنها لكنها رفضت الذهاب إلى أوروبا .
بعد وفاة نابليون زعيم العائلة أعلن إبن شقيقه لويس نفسه إمبراطورا على فرنسا بلقب نابليون الثالث وتقبل عمه جيروم المساهمة في الحكم لكن إبن جيروم في أمريكا حٌرم من الألقاب الإمبراطورية.
أحد أحفاد جيروم المدعو شارل بونابارت في الولايات المتحدة تسلم مناصب عليا في أميركا ومنها المدعي العام الأميركي واشتهر بنزاهته وخبرته السياسية ؛ وفي
عام ١٩٠٥ كلفه الرئيس تيودور روزفيلت نظرا لخبرته بتشكيل وتأسيس المكتب الفيدرالي للتحقيق “إف بي آي”.
هكذا يكون المدعي العام الأميركي شارل حفيد جيروم شقيق الإمبراطور نابليون بونابارت مؤسس أعظم مكتب مخابراتي في الكرة الأرضية .