بقلم/ أسماء أبو بكر
تربينا على حكمة الجمال في عين الناظر ،توارثناها أبًا عن جدٍ لكن مع براثن الشياطين نحتاج إلى أكثر من النظر حتى نكتشف نواياهم وخباياهم ؛ فلا تنظُرْ إلى الإناء من الخارج وانظر إلى ما بداخله ؛كثيرون ينظرون إلى الحركات الدموية بعين واحدة إما تلك التي تبصر الإيجابيات فقط وكأنهم مجتمع ملائكي ، أو عين الكراهية التي تفتش عن السلبيات كأنهم جماعة من الهمج، وكلا الرأيين غير صحيح؛ فالأولى أن نكون موضوعيين نعرف إيجابياتهم ونواقصهم ‘ولكن لأن الكثير يغتر بالبريق الذي يحرص الصهاينة على إظهاره دائمًا، أردت أن أكشف لكم حقيقة وغياهب هذا الكيان .
لا شك أن العنصرية الأسرائيلية تمثل الثقافة الصاخبة والفكر الإرهابي البغيض في هذا العالم والأخطر أنهم لا يبشرون إلا بالقتل وإباحة الدماء والتسلط على رقاب الشعوب الأخرى بالإرهاب والدموية، كل ذلك ليس محض صدفة بل مؤامرة مخطط لها ، والحقيقة أن هذا الموضوع قتل بحثًا ولكن عمق التحليل قد يضيف له الكثير.
إن الحكومات الخفية منذ نشأتها حتى الآن وهي تسير في الاتجاه العنصري والإرهابي البغيض؛حيث لجأوا إلى الدين والعقيدة واتخذوا منهما ستارًا تخفي وراءه أطماعها الحقيقة وقبحها الاستغلالي فهم يعتمدون دائمًا على أسلوب الخداع والمداهنة والتسلل بهدف السيطرة على شعوب الأرض كافة؛ في الشؤون الاقتصادية والسياسية والإعلامية ، وهو ما بدأوا في التخطيط له حالياً في معظم دول العالم، وهم يعتقدون أنهم شعب الله المختار بالتشريف لا التكليف.
ومنذ بداية تحريف ما تحتويه التوراة من تعاليم مقدسة على أيدي أتباعها الذين أطلق عليهم الكتيبة اليهودية برئاسة “عزرا الوراق” إبان فترة “السبي البابلي” فيما بين عام 586_538 ؛ لينحتوا منه دينًا قوميًا يقوم على أساس عنصري، وعلى ذلك فعمر العنصرية مثلا في المجتمع اليهودي يزيد على 2500 عام.
الحقيقة أن هذه الحركات الدموية تستبيح كل الوسائل لتحقيق أغراضها ؛فقد تأثروا منذ القرون الأولى بهذا الزعم ثم جاءت بروتوكولات حكماء صهيون تأكيدًا حاسمًا لعنصريتهم وما تضمنته البروتوكولات تؤكد أن هذا العالم لم يخلق إلا لليهود؛ ليقيموا عليه مملكة يهودية تحكم العالم بعد أن تقضي على القوميات المختلفة بالعنف والقتل والإرهاب ؛ فليس من المعقول أن تكون العلة في أمم غيرهم، وإنما العلة في قوي الظلام وفي تفكيرهم العدواني وأسلوبهم الاستيطاني وهدفهم الإرهابي ودستور حياتهم الغير إنساني.
وهذه المشاحنات بالتأكيد لها جذور تاريخية قبل تأسيس الدولة وقبل تأسيس الحركة الصهيونية أساسا ففي عام 1304 كانت نقطة التحول في العلاقات بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين، فقد تجاوز اليهود السفارديم بالفعل قمة التطور الديني والحضاري على عكس حال اليهود الأشكناز في إسبانيا المسلمة وفي أوروبا فقد عانى اليهود الأشكناز من الملاحقة والطرد والاضطهاد والنهب والتدمير المستمر للأحياء اليهودية والقهر المتعمد والمصادرة المتكررة للممتلكات اليهودية في بلاد الأشكناز.
وفي عصر ما بعد التلمود بين القرن السابع والقرن الثالث عشر تقريبًا عاش الجزء الأكبر والأكثر نشاطًا من الشعب اليهودي في مناطق السيادة الإسلامية ؛ إما يهود أوربا فقد شكلوا أقلية غير ذات أهمية وبغض النظر عن بعض الاستثناءات القليلة فقد حدثت كل الأمور الهامة والإبداعية في حياة اليهود داخل البلدان الإسلامية، ومما لا شك فيه أن اليهود الفرانك تأثروا بصفة عامه باليهود في إسبانيا.
وعلى نحو ما أسس له قائد الحركة (ثيودور هيرتزل )في إحدى خطبه في المؤتمر اليهودي الأول (29–31 أغسطس/ آب 1897)قال : إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء.. فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار التي مرت عليها قرون؛ ومن هذا المنطلق تعمل على اختلاق وصناعة قدس يهودية كما اختلقوا وصنعوا (دولة إسرائيل) ، ولا تكتمل هذه الدولة إلا بتكريس (القدس .. يهودية عاصمة أبدية ) لهم.
إن سياسة إسرائيل اليوم تقوم على أساس التمييز العنصري؛ متمثلة في سياستها الخارجية بتعاونها مع كل الحكومات الخفية في أفريقيا وأمريكا وفي سياستها الداخلية بمحاربة اليهود العرب وطردهم وبمحاربتها للعرب الفلسطينيين وغيرهم من الشعوب بكل الوسائل داخل إسرائيل سواء كانوا من المسلمين أو المسيحين ،بل هي أكثر من هذا تميزًا عنصريًا فيما بين اليهود أنفسهم ،فاليهود الغربيين القادمين من أوروبا وأمريكا يحظون بالثروات الضخمة والإسكان والخدمات الاجتماعية الراقية والمراكز المرموقة في الدولة ، في حين اليهود الشرقيون القادمون من أفريقيا وآسيا يقاسون شظف العيش ولا يعملون إلا بالأعمال التي يترفع الفريق الأول عن القيام بها.
خلاصة القول؛ إن العنصرية لن تتوقف أبداً في هذا الكيان البغيض حتى نهايته ،فبعد ما يزيد على 64 عاماً على الإنشاء القسري لهذه الدولة ، والتي كانت وستظل متحالفة مع كل أشكال الاستعمار، ولم يزدد فيها سوى العنصرية والعدوان ؛ولو أنهم في حروبهم الدموية اعتمدوا على الاحتلال المادي للأرض فقط لكانت المصيبة أهون بكثير ولكنها متمسكة دائمًا بالعنصرية والقضاء على روح الدين في نفوس معتنقيه؛ ومن المتوقع أن يكون هناك مقاومة لهذا المشروع من داخل إسرائيل والتي ستؤدى حتماً إلى زواله قريبا.
وهنا نقف أمام كتلة من الكراهية بين أبناء الجماعة الواحدة؛ ونتسآل هل يظل الصراع قائما بين قطبي هذه الدولة ؟! أم يختلف الأمر مع مرور الوقت؟!وهل ستبقى النظرة الدونية متغلغلة في الروح اليهودية؟ أم أن ثورة التقدم في القرن الحادي والعشرين ستهذب هذه الشخصية التي حيرت العالم؟ هذا ما سنتطرق إليه إذا قدر الله لنا البقاء في المقال القادم ونسلط الضوء عن مأساة يهود الفلاشا التي ما زالت تلقي بأضوائها في ساحاتنا.