بقلم: عادل عطية
الخامس من أسفار العهد الجديد، هو السفر الوحيد الذي يخلو من نقطة النهاية!
أنه السفر المفتوح؛ ليواصل كل منا حياته ورسالته في مسيرة الكنيسة نحو المجد!
لكن يبدو، وكأننا وضعنا “الأمين”، في نهاية سفر أعمال الرسل، وشرعنا في كتابة سفر آخر يُعبّر عن أعمالنا!
على باب الجميل، نظر بطرس، لمرتقب الصدقة، وقال له: “ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإيّاه أعطيك: باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش”.. وامسكه بيده وأقامه؛ ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي!
فهل نستطيع، نحن، أن ننظر إلى مضطهدينا، وإلى الراغبين في سرقة أرواحنا، ونقول لهم ليس لنا سلاحاً قاتلاً ولا متفجرات، ولكن باسم يسوع المسيح الناصري، ننتهر ونطرد كل روح غي وضلال وبغي وعدوان من أرض مصر؟!
وعند الهيكل، ظل بطرس ويوحنا، يجاهران ببشارة المسيح رغم الضرب والجلد والسجن والتهديد بسلب حياتهما، منهما، لأنهما رفضا اطاعة الناس أكثر من الله!
فهل نحن مستعدون للمجاهرة بإيماننا، والتكريز بإنجيلنا، رغم كل القوانين الظالمة المقيدة للحريات وكل العذابات السالبة للإنسانية؟!
واستفانوس، في ساحة رجمه، وفي وسط الركام المصبوغة بدمه، ظل يتكلم عن مجد الله، وعن يسوع القائم عن يمينه!
فهل نمتلك الجرأة والشجاعة، ونتكلم عن مجد الصليب، وأنه قوة الله للخلاص، بينما نرجم بالتهديدات، ونعذب بالاهانات.. أم نفعل كما فعل أحدنا، وارسل من يزيل الصليب من على باب داره؛ حتى يطلق الضابط سراحه؟!
عندما أراد الولاة اخلاء سبيل بولس وسيلا، سرا.. قالا للجلادين: “لقد ضربونا جهراً غير مقضي علينا ونحن رجلان رومانيان، وألقونا في السجن. أما الآن يطردوننا سراً.. كلا، بل ليأتوا هم أنفسهم ويخرجونا!
فهل نعقد المؤتمرات الصحافية، كمصريين نتمتع بالجنسية المصرية، ونعرض وثائقنا التي تدين عمليات الإرهاب والقهر، والتعذيب، على الرأي العام. أم نظل نتجاهل ما يحدث لنا، وكأننا فقدنا الاحساس، والنطق، والحياة؟!
وعندما أمر حنانيا، رئيس الكهنة، الواقفين عنده أن يضربوا بولس على فمه؛ حينئذ قال له بولس: “سيضربك الله أيها الحائط المبيض. أفانت جالس تحكم علىّ حسب الناموس وأنت تأمر بضربي مخالفاً للناموس”!
فهل نستطيع نحن أن نواجه القضاة المتعصبين، ونقول لهم: “أنتم بعيدون بعيداً عن العدل والعدالة”.. أم ترهبنا مقولة الحق التي يراد بها باطل: “ا اعتراض على أحكام القضاء”؟!
وكم من مرة رفع بولس دعواه إلى الولاة؛ لينظروا في مطالبه؛ وليمنحوه فرصة ليعبر عن احتجاجه، ويتحققوا من براءته!
فهل نتحرك الآن ونرفع دعوانا إلى الهيئات والمنظمات الدولية، التي تعني بحقوق الإنسان والعدالة.. أم نخشى من الكلمة الترهيبية، التي تتهمنا بالاستقواء بالخارج، وتمنعنا من صرخات الألم، ونكتفي بالقول: “ربنا موجود”، وكأن الآلام موجودة بوجود الله، وأن الله غير موجود في حقوق الإنسان، والعدالة، والكرامة، والحرية؟!
ليكن سفر أعمالنا امتداد لسفر أعمال الرسل، حيث المجاهرة بالإيمان، والتمسك بالحق، وقبول الموت بشجاعة!