بقلم: فـريد زمكحل
في ساعات معدودات تم الإعداد والانتهاء من مؤتمر «الحوار الوطني» الذي أُقيم منذ أيام ودعى إليه بالأمر المباشر تنفيذاً لتوجيهات بعض الدول الغربية، الرئيس السوري الجديد أبو محمد الجولاني، الذي خلف الرئيس السوري السابق بشار الأسد في حكم سوريا، والمعروف حالياً باسم أحمد الشرع بعد تخليه عن اسمه التنظيمي السابق في هيئة تحرير الشام «الإرهابية».
48 ساعة فقط هو عمر هذا المؤتمر المزعوم بين الإعداد له والانتهاء منه في محاولة فاشلة لخداع الرأي العام العالمي، بأن النظام السوري الجديد قائم على الديمقراطية وحرية التعبير رغم ما قام به هذا الفصيل الإرهابي من عمليات طائفية ممنهجة ضد الأقليات العلوية والشيعية والمسيحية وكل من عارضه في مشواره الدموي التخريبي للوصول للحكم، سواء قبل وصوله أو بعد وصوله بتأييد تركي وأمريكي مشبوه.
أقول 48 ساعة فقط هو عمر مؤتمر الحوار الوطني منذ الإعداد له والانتهاء منه في واقعة غير مسبوقة لإقامة مثل هذه المؤتمرات التي قد يتطلب الإعداد لها الكثير من الوقت لتكون بكل ما تحمله من ملفات وطنية على درجة كبيرة من الجاهزية للطرح والنقاش لعدة أيام متواصلة لا لساعات قليلة للوصول بها إلى حيز التنفيذ بعد إتمام التوافق حولها والموافقة عليها من جميع مكوّنات الشعب السوري الشقيق، ولكن ما حدث يؤكد عدم وجود ومشاركة أغلب هذه المكونات في فعاليات هذا المؤتمر ما يجعل منه مجرد مسرحية هزلية لتجميل وجه النظام الجديد على حساب سوريا ومستقبل الشعب السوري إقليمياً برعاية تركية وإسرائيل وعالمياً بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي قد يقود سوريا والشعب السوري لحالة من التفتت جعرافياً وشعبياً، خاصة وأن الرئيس السوري الجديد لم يتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي الجديد لجنوب جبل الشيخ الذي يقع في سوريا ولبنان ويمتد من بانياس وسهل الحولة في الجنوب الغربي إلى وادي القرن «طبرية» في الشمال الشرقي والذي يحدّه من الشرق والجنوب منطقة وادي العجم وإقليم البلان وقرى الريف الغربي لدمشق وهضبة الجولان في سوريا، إنما قام بإصدار قانون جديد بمقتضاه يمنع فيه منعاً باتاً وجود أي فصائل أو تنظيمات مسلحة على الأراضي السورية مطالباً بضرورة تسليم أسلحة هذه التنظيمات لقوى الأمن السورية، الأمر الذي لم يُرضى هذه التنظيمات وتبعه عدّة تفجيرات في مناطق متفرقة من الدولة السورية وكالعادة لم تشر إليه من بعيد أو قريب نشرات الأخبار الدولية في العالم حرصاً من الدول الداعمة لأبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) على تجميل صورته وصورة نظامه «الديمقراطي المزعوم» أمام الرأي العام العالمي رغم معرفتهم التامة بما قام به فصيله الإرهابي من انتهاكات ضد حقوق الانسان وخاصة حقوق المكوّنات السورية من الأقليات المسيحية والعلوية بخلاف ما تعرّض له المئات من المتعاونين أو المؤيدين للنظام السابق برئاسة الأسد، وشملت القتل للبعض والاعتقال للبعض الآخر بخلاف تدميرهم المتعمد واعتداءاتهم المستمرة ضد المقدسات الدينية سواء في الكنائس المسيحية أو الجوامع الشيعية الموجودة في سوريا ومازالت مستمرة حتى بعد وصوله واستلامه لسدة الحكم، وعلى الرغم من تيقن ومعرفة الدول الداعمة له بالفشل الذريع الذي حظى به مؤتمر الحوار الوطني المزعوم وحجم الاعتراضات التي واجهها من بعض الحضور على مقترحات الجولاني وتصوره العقيم لسوريا المستقبل والمخالف لطموحات الشعب السوري ولما يتطلع إليه هذا الشعب الشقيق من حكم ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان السوري في الأمن والآمان والتعليم والصحة من خلال دولة ديمقراطية متعددة الأحزاب تحترم جميع أشكال الحريات الشخصية التي تنص عليها كافة القوانين الدولية دينية كانت أو شخصية ، وبدأت أشكال هذا التوجه الجديد الرافض لبقاء أبو محمد الجولاني أو استمراره من خلال ظهور دعوات من جانب جميع الفصائل السورية المسلحة الموجودة على الأراضي السورية لتوحيد الصفوف لمواجهة الرئيس الجديد أبو محمد الجولاني وفصيله الإرهابي المعروف باسم هيئة تحرير الشام بعد وصفه لهذه الفصائل العسكرية المناوئة له بأنها خارجة على القانون.
هذا بخلاف الموقف الرافض للكثير من الأحزاب السياسية السورية التي لم تُدعى للحضور والمشاركة في فعاليات مؤتمر الجولاني للحوار الوطني وهو مؤشر خطير ومقدّمة مفزعة لاحتمالية دخول سوريا لمستنقع الحرب الأهلية التي قد تصل بسوريا وبالشعب السوري لمرحلة اللا عودة الأمر الذي يصب في مصلحة إسرائيل وتركيا ولا أتمناه.. ولا يتمناه أي إنسان وطني شريف لسوريا أو للشعب السوري الشقيق.