بقلم: خالد بنيصغي
من هنا يجب أن نبدأ ، وبعدها سنعود إلى الوراء لاستقراء تاريخ الحياة الإنسانية في المغرب وفي جل الدول العربية ، والعالمية أيضا ، لنرى كيف عشنا تلك اللحظات المشرقة ، وكيف فقدناها الآن ، ولنرى كيف ولماذا فقدناها ؟؟ وكيف تغيرت حياة الإنسان العربي والمسلم من الكرامة إلى العبث والانحطاط بشتى تجلياته ؟؟ ولماذا أصبح الإنسان يغرِّدُ خارج السِّرب بكل وحشية وأنانية ، وبكل انحطاط خلقي ، وكيف أصبح مهووساً بالدنيا يتناسى المبادئ والأخلاق المتجذرة في دينه الإسلامي الحنيف ؟؟ وكيف يحيد عن الصراط المستقيم دون خوف من الله عز وجل ..؟؟
بالأمس حلت لعنة الحرب الروسية على أوكرانيا ، فما فتئنا نستشرق الأمل في انخفاض خطورة فيروس “ كورونا “ على مستوى عدم ظهور أي متحور جديد ، وأيضا انخفاض حالات الإصابات والوفيات في العالم ، حتى بدت لعنة هذه الحرب التي تنذر باحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة في أي لحظة بسبب أي انفلات أو ردة فعل من القوى العظمى المؤسِّسَة للتحالفات المضادة للنظام الروسي كالولايات المتحدة الأمريكية وأروبا الغربية على وجه الخصوص ، ونحن نعيش في خضم هذه الأحداث ، انبرت عدة مشاكل اقتصادية وسياسية ، وعَمَّ الغلاء في معظم دول العالم بسبب تداخل التجارة العالمية في شبكة معقدة ، مثل الغاز والنفط والحبوب وغيرها
وحتى على المستوى الدراسي في الجامعات الروسية والأكرانية وجد العديد من الطلبة أنفسهم فجأة تحت رحمة القصف الروسي أو التخلي عن استكمال الدراسة والعودة إلى أوطانهم ، ومن بين هؤلاء الطلبة المغاربة من عاد إلى الوطن الأم بعد تنسيق تام بين الحكومة المغربية وأبنائها الطلبة في أوكرانيا ، وذلك بتسخير خط جوي للخطوط الملكية المغربية التي أعادت الراغبين في العودة إلى بلادهم في هذه الظروف الصعبة التي يمرون منها ..
وبمجرد هذه العودة بدأ التفكير في مستقبل هؤلاء الطلبة من أجل إدماجهم في الجامعات المغربية ، ورحبت الدولة المغربية على الفور بهذا الحق المشروع لهم ، خاصة أن أغلبهم قضى أكثر من ثلاث سنوات على الأقل في كلية الطب ، وحيث كان مجال الصحة والحصول على الدكتوراة في الطب وطب الأسنان هو الهدف الأساسي لمعظم الطلبة المغاربة في أوكرانيا ، فإن مسألة إدماجهم في كليات الطب والصيدلة أمر مُيَسَّر ، لكن الصدمة الكبرى هو خروج إخوانهم الطلبة المقيمين في المغرب بصوت رفض تسجيلهم في هذه الجامعات ، وهو الأمر الذي خلَّف صدمة لدى كل المغاربة الذين تفاجؤوا لهذا التصرف المنحط ، وهو التصرف الغريب عن شيم المغاربة وأخلاقهم ..
صحيح أن هذا الرفض لا قيمة له من حيث التأثير على قرار تسجيل الطلبة العائدين إلى وطنهم فراراً من مخاطر الحرب الروسية الأوكرانية ، لأنه أصلا قد تَمَّ تسجيلهم لأنه حقهم المشروع ، لكن على مستوى الاخلاق نقول لكل طالب رافض لعودة إخوانه المغاربة وإدماجهم في الجامعات المغربية – نقول لهؤلاء جميعا – إن تصرفهم فيه قلة حياء ، وفيه وقاحة ، وحقد وحسد وضغينة غير مبررة .. ولكل مغربي أصيل نقول عاش التضامن والتآخي .. وعاش الوطن أباً لكل أبنائه في الداخل والخارج .. رمضان كريم .. ودمتم بود