بقلم: فـريد زمكحل
الضربات الجوية الإسرائيلية على العديد من المدن الإيرانية ترتقي عن كونها مجرد ضربات وقائية لحماية أمنها الخاص وتتخطَّاها بمراحل لتصل بها لحيز إعلان حالة الحرب على إيران وعلى كافة منشأتها العسكرية النووية والمدنية إذا اقتضى الأمر، خاصة بعد التأكيدات التي خرجت من الجهات الرسمية العسكرية الإسرائيلية بذلك وتأكيدها على استهدافها لبعض الشخصيات العسكرية والعلمية الهامة في الداخل الإيراني بحماية ورعاية أمريكية قد تكلِّف وتعرِّض المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وفي العالم للكثير من المخاطر العسكرية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، خاصة لو تعاملت الإدارة الإيرانية بالمثل في ردّها المتوقع على هذا الاعتداء الإسرائيلي المباشر عليها.
وفقاً لحسابات الحروب العسكرية «العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم» وباستخدامها لنفس المنطق التي استخدمته الإدارة الإسرائيلية في قيامها بتوجيه هذه الضربات والذي يتلخص بحماية أمنها وشعبها من التهديدات الإيرانية المحتملة ضدها، وهنا ستختلف المواقف وربما المواقع، خاصة مع الشعور الإيراني المتزايد بالتهديد الإسرائيلي المباشر على أمن إيران العام وعلى استمرارية وجودها وحقها المشروع في حماية مصالحها العسكرية والسياسية في العالم، وطموحتها المستقبلية في امتلاك السلاح النووي إسوة بإسرائيل لردع كل من تسوّل له نسفه الاعتداء عليها بما فيهم إسرائيل التي تقوم بعض الدول السنية في المنطقة بدعمها مالياً ولوجوستياً بحكم العداء الأبدي الموجود بين السُنّة والشيعة.
وفي تقديري أن كل هذه العناصر مجتمعة مع العقبات الاقتصادية المفروضة على إيران تُشكل نوعاً من الضغوط المباشرة وغير المباشرة على إيران والإدارة الإيرانية بالإضافة بأن الرد المنتظر والمتوقع من الجانب الإيراني يُعد مسألة كرامة ورغبة في رد الاعتبار للقدرات العسكرية الإيرانية في المنطقة والتي قد تستعين الإدارة الإيرانية فيه ببعض حلفائها المقربين لها والمتعاونين معها ومنهم روسيا والصين والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس في الداخل الإسرائيلي وبعض خلاياها النائمة في جميع دول العالم، لتوجيه ضربات عسكرية استشهادية موجعة ضد بعض الهيئات الرسمية وغير الرسمية الأمريكية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك القواعد العسكرية الموجودة في المنطقة، الأمر الذي قد كنت تنبأت به وحذَّرت من حدوثه مراراً وتكراراً، لإنه سوف يجر جميع دول المنطقة للدخول بشكل أو بآخر في هذا الصراع الذي قد يستدعي دخول بعض القوى الإقليمية والدولية للتحرك للدفاع عن مصالحهم الإستراتيجية « السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة»، وهو ما سوف يؤثر على الاستقرار العالمي ويُزعزع أركانه مع استمرارية فكرة فرض وهيمنة القوة العسكرية لبعض الدول على البعض الآخر مع تراجع وغياب القوانين المنظمة للعلاقات الدولية بين الدول.
والسيناريوهات القادمة والمتوقعة لا تبشر بالخير وتذهب بالأمل في تحقيق سلام عادل ودائم سواء من خلال المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة والذي أتوقع لها بالفشل من قبل أن تبدأ، والعواقب تتجه نحو الأسوأ وسط همجية البطش وغرور القوة للإدارة الإسرائيلية في ظل وتحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية!
وللحديث بقية.