بقلم/ السعداوي الكافوري
من خلال موهبة أصيلة وقدرات مدهشة على التمثيل والغناء والإستعراض ورؤية فنية تستلهم الماضي و تشتبك مع الواقع وتستشرف أفاق المستقبل تحفر فاطمة درويش اللبنانية المولد والألمانية الجنسية على مسار الفن المسرحى يخصها وحدها مدججة بوعى عميق برسالة الفنون وإدراك مدهش بدور المسرح فى إحداث تغيير إيجابى فى السلوك وطرق الحياة فهى ومنذ وطأت أقدامها خشبة المسرح وهى عينها على المجتمع متمسكة بتلابيب الواقع بعيدا عن السيريالية والغموض فكانت جميع أدوارها هادفة وتسعى نحو تحقيق تقدم ايجابى يصب فى مصلحة الكون والمجتمع والإنسان إنطلاقا من إيمان عميق بدور الفن فى إحداث النهضة المبتغاة والتغيير المنشود … كل ذلك من خلال عقيدة راسخة بأهمية الثقافة بوجه عام وإعتبارها إستثمار بعيد المدى تأتى نتائجة المرجوة بعد حين … وبالتالى جاءت أدوارها مختارة بعناية ومنتقاة بدقة فالفن من وجهة نظرها رسالة سامية لاتقل بحال عن أى نشاط أخر يهدف إلى خدمة الإنسان فالفنانة فاطمة درويش المولودة بالجمهورية اللبنانية والتى تحمل جنسية ألمانيا قد نجحت بإمكانيات بسيطة وإعتمادا على موارد محدودة فى شق مجرى على مضمار الثقافة الألمانية يعنى بالعرب ودورهم فى تقدم مجتمع المهجر الذين أجبرتهم ظروفهم على الإقامة فيه مؤكدة بما لايدع مجالا للشك على أن الإنسان العربى مبدع بطبعه شريطة توافر فرص الحرية والدعم والإنطلاق فحققت نجاحات مدوية ودشنت مشروعا تنويريا مهما من خلال خشبة المسرح حيث شاركت منذ أن كانت طالبة فى فريق المسرح المدرسي وحازت إعجاب الموجهين والطلاب بعدها شقت طريقها والذي لم يكن مهيئا بعناية – نحو المشهد العام الثقافى وتبوأت موقعا مهما على خارطته من خلال مشاركتها فى أكثر من عمل فنى هادف تقول الفنانة فاطمة درويش فى معرض الحديث عن تجربتها “
“خلال حروب طائفية خاضتها العائلة في الثمانينيات من حصار بيروت مروراً بالتوازن الديموغرافي لصالح السكان المسلمين في الستينيات إبان تأسيس دولة إسرائيل عندما نزح مئات الآلاف من الفلسطينين إلى لبنان.
كان لعائلتي الجميلة نصيب من نزوح ضمن ما قارب المليون لاجئ فترة الثمانينيات إلى التسعينيات حيث حملوا حقائب سفر و أحلام إلى بلاد عدة و منها كان القسم الأكبر إلى ألمانيا.
مناخ مختلف و طبيعة باردة ولغة مليئة بالمزالق
وقعت على مسامعي لأول مرة مثل ابتسامة كسارة البندق العتيقة
أمي كانت معجبة بالفطور الألماني ربما لأنه يشبه الفطور الفرنسي و كانت دائما تسعى جاهدة الى خلط الفطور اللبناني بالألماني ب أصنافهما المتنوعة ، على غرار المطبخ الألماني عموماً.
كنت أميل أحيانا إلى العزلة و ما كان يجبرني بكل سعادة الخروج عنها لتعود بي إلى لبنان -هو رائحة البيض مع اللحم صباحاً كانت تفوح برائحة الصباح البيروتي مع قهوة أبي و هدوء ضجيج الشارع الذي اذهب فيه إلى مدرستي آنذاك ،كنت أحاول أن أفهم ما الذي يجري و لماذا نحن هنا، و ما الذي سلخني عن مكاني الطبيعي و لماذا و هل تستحق كل أسباب الكون ما حصل.؟
كنت أعطف كل الأشياء على بعضها و كل إخوتي و أخواتي على كان و أخواتها و أبي لم يجمع معي أما أمي أصبحت فجأة عدو لي من غير سابق انذار ، أقعد لساعات في غرفتي أفكر أحياناً أني لست بحاجة لغرفة لي وحدي، بالأصل أنا بتت أخاف النوم في الظلام (بعد الانسلاخ)
و كنت انام في غرفة أخواتي الجميع كنا خمس بنات و كان لدينا تختان فقط نعم تختان كبيران ل خمس أميرات كان نصيبي في المنتصف ما بين أختاي الكبيرتين ..
ذات صباح مررت من أمام باب بيتنا من الداخل طبعا و انا في طريقي للتخت لأن الحمام كان إلى جانب الباب عندما ندخل و ثم الدرج مباشرة إلى الطابق العلوي مقابل باب البيت حيث أوض النوم الكثيرة كانت ٦ واحدة منها مغلقة بالمفتاح أيضاً و غرفتي التي اخترتها كانت الى جانبها تماما على يسار الكوريدور غرفة صغيرة رتبت فيها لعب الباربي و ثيابهم و الديناصورات و السنافر.
و وجدت رفاً لكتبي و دفاتري حين اعتمدت نظاما لمتابعة دراسة الصف الرابع كل يوم كما كان برنامجي الدراسي في بيروت مادة الانجليزي و العربي و الفرنسي و العلوم و الجغرافية و التاريخ و الرياضيات و الرياضية و الرسم و الموسيقى
و التزمت بها و هكذا عدت الى بيروت خلال كتبي ،فزعت جدًا عندما شاهدت جاراً المانيا يقارب من سيارتي و يريد أن يخلع بابها متعمداً بعدما حاول مجاهدا حمل سيارتي من على الرصيف فقط لأنه لم يرق له مكان سيارتي رغم انها كانت بمكان غير مخالف للقوانين فقط لأنها مقابل بيته على نصف الرصيف كي لا تأخد مسافة من عرض الشارع الصغير المتفرع إلى طريق يؤدى إلى بيتنا فوجئت بأنه استطاع رفعها و من ثم ضربها ارضاً عاود الحركة ثانية ثم لم يكتف بذلك و أخذ زرادية كبيرة الحجم و بدأ بقص السيارة من الخلف حيث قطع الباب الخلفي كاملا و رماه على الأرض و كان يريد أن يتابع قص البابين
لكني صحوت مفزوعة اتمتم اني دائما لم يريحني هذا الرجل الثرثار و كلما رآني ازعجني وإسلوبه معى ينم عن شيء غريب لم استطع فهمه آنذاك فقط كان احساس لا يبعث على الراحة … هذه النماذج البشرية التى شاهدتها وتعاملت معها عن قرب حولتها فى العديد من أعمالها الفنية إلى مشاهد تعكس أوضاع العربى فى بلاد المهجر بصورة لفتت إنتباه النقاد والجمهور عن طريق مشاركتها بأعمال مسرحية عرضت بأهم مسارح ألمانيا مثل أتريوم وشام شيبل هاوس وغيرهما ، وتأمل الفنانة فاطمة درويش فى التعاون فنيا مع نظرائها فى الدول العربية بأعمال تهدف إلى تغيير الصورة الذهنية للعربى لدى الأوروبيين بإعتبارنا شركاء فى عالم واحد وتسعى فاطمة درويش جاهدة من أجل تحقيق هذا الهدف من خلال الفن المسرحى والأعمال الدرامية وكتابتها فى مجالى الرواية والقصة القصيرة.