بقلم: حسّان عبد الله
بُكاؤُكُما يَشفي وإِنْ كَانَ لا يُجْدي
فَجودا فقدْ أَوْدى نَظيرُكُما عنْدي
أَلا قَاتَلَ اللهُ المَنايا وَرَمْيَها
مِنَ القَوْمِ حَبَّاتِ القُلوبِ على عَمْد
تَوَخَّى المَوْتُ ثَالِثَ صِبْيَتي
فَلِلله كيفَ اخْتارَ ثالِثَةَ العقْدِ
طَواهُ الرَّدى عَنّي فَأَضْحى مَزارُهُ
بَعيدًا على قُرْبٍ ، قَريبًا على بُعْد
لَقَدْ أَنْجَزَتْ فيهِ المَنايا وَعيدَها
وَأَخْلَفَتِ الآمالُ ما كانَ مِنْ وَعْدِ
لَقَدْ قَلَّ بَيْنَ المَهْدِ وَاللَّحْدِ لَبْثُهُ
فَلَمْ يَنْسَ عَهْدَ المَهْدِ إذْ ضُمَّ في اللَّحْدِ
عَجِبْتُ لِقَلْبي كَيْفَ لَمْ يَنْفَطِرْ لَهُ
وَلَوْ أَنَّهُ أَقْسى مِنَ الحَجَرِ الصَّلْدِ
وَأَوْلادُنا مِثْلُ الجَوارِحِ أَيُّها
فَقَدْناهُ كانَ الفَاجِعَ البَيِّنَ الفَقْدِ
هذه بعض الأبيات من قصيدة ابن الرومي في رثاء ابنه الأوسط والتي كانت من أصدق ما قرأته في فن الرثاء ، فالوصف كان مؤثِّرًا جدًّا حيث كنّا نرى الولد يتألّم ونرى لوعة أبيه بأصدق تعبير وقد شبّهْتُ حالتي اليوم بحالته في فقدان ابني الصغير الثالث الذي تركَ في نفسي غصَّةً لا تُمْحى وحزْنًا عميقًا وسويداءَ قاتِمَةً وكآبَةً لا توصف
بَيْدَ أنّ ابنه كان يتألّم أمام عينيه أمّا أنا فقد أصاب ابني موت الفُجاءَة ، حضرَ بدون إذنٍ أو سماح فسلخ منّي قطعةً من كبدي ورماها أمامي جسدًا بدون روح أمّا ابن الرومي فكان يرى ابنه وهو ينازع الموت قبل أن تؤْخَذَ روحُهُ. ومهما يكن من أمر تعددت الأسبابُ والموْتُ واحدُ.
ضَجْعْةُ المَوْتِ رقْدةٌ يسْتَريحُ الجِسْمُ