بقلم: بشــير القــزّي
في قديم الزمان كانت الشعوب تعيشُ على شكل مجموعات وقبائل، كلٌّ يسيطر على مساحة معيّنة من الأرض، يستغلّها ويرتزقُ من خيراتها ولا يسمحُ لغريبٍ تجاوز حدودها! مع الزمن كانت التغيّرات البيئيّة والكوارث الطبيعيّة الغير متوقّعة تؤدّي الى شحٍٍٍّ في المنتوجات الغذائية والموارد المائيّة لمنطقة ما، ممّا يدفعُ سكّان تلك الأراضي الى غزو المناطق المجاورة للاستيلاء على خيراتها وقتل أو تهجير من لا يمتثل لسلطانها ! وهكذا كبرت البقع في حجمها، وأصبح حاكم كلّ مساحة يسمّى بالشيخ او الحاكم او الأمير او الملك او الإمبراطور أو القيصر أو ما هنالك من تسميات مختلفة تغيّرت مع الزمن ! وكان كلّ شعبٍ يدينُ لآلهة يتعبّدُ لها ويفرضها على كلّ من يدين له!
خلْتُ نفسي أنّ تواجدي في هذا العصر الذهبي من الزمن، كان من أفضل ما يكون بعد ان أجمع حكّام العالم على مواثيق ديمقراطية عالمية تساوي ما بين الإنسان وأخيه الانسان ولا تفرّق بين مخلوقٍ وآخر من نفس الجنس، وتمنعُ الظلمَ عن بني البشر!
إلّا ان هذا التطوّر رافقه تقدّمٌ سريع في ميدان التسلّح وأصبحت القوّة مناطة في امتلاك الأسلحة الفتّاكة مع ملكةِ استعمالها!
والتساؤل يكمنُ في طرح ما يجول في أفكارنا حول هذه المجازر التي تعمُّ بلداناً كثيرة في عالمنا، وأصبحت البلدان التي تدّعي الديمقراطية أبعد الناس عنها:
- كيف يمكن لبلدٍ ما ان يدّعي انه ديمقراطي في الوقت الذي يكون فيه دستوره معتنقاً ديانةً معيّنة؟
- هل يرتقي إنسان ما الى مستوى أعلى من غيره لمجرّد كونه يتّبع ديناً ما؟
- هل الأحقِّيَّة تعودُ لمن يربحُ في القتال؟
- هل من يخسر الحرب لا حقّ له؟
- هل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان لا دور لها، وهي أكذوبة لا يُطَبِّقها أحد؟
- كيف بنا نجدُ البلدان الأقوى على الكرة الأرضية، والتي تدّعي نشر الديمقراطية في العالم، تُجيزُ لدولة الدفاع عن نفسها، في الوقت الذي تنفي فيه ذاك الحق لأبناء شعب عانى الأمرّين على مدى عقود متعددة بعد ان تمّ طردهم من أراضيهم ؟
- كيف نجد دولة كبرى تمنع وصول الإسعافات الأولية والمؤن لبلدٍ يستغيث، بينما هي قامت بإرسال سيلٍ من السيارات المدرعة بطائراتها ؟
- كيف بتلك الدول تنفي الحقّ بالمطالبة بالعودة لمن سُلبَ مسكنه وتم الاستيلاء على ارضه وأصبح يعيش في مخيمات متعددة ، منها ما يرزح على ارض بلاده، بينما تُعطي الحقّ بالاستيلاء على ما تمّ سلبُهُ لأناس تم استيرادهم من بلدان بعيدة؟
- إدراكي لا يساعدني على ان افهم كيف ان شعباً تباهى على مدى آلاف السنين بطيبته وحسن خلقه، ولم يُعرف الكثير عن شراسته خلال ماضيه، ينقلب الى شعب جزّار يقضي على كلّ ما يتحرك، دون ان يتفادى القضاء على الأطفال والنساء!
- ان الادعاء ان الخالق خصّ شعباً بأراضٍ معيّنة غير دقيق وصحيح لأن الله لو أعطى شعباً شيئاً ما، لما استطاعت قوات الكون أخذه منه، ولما احتاج ذاك الشعب الى كلّ تلك الأسلحة للمحافظة عليه!
- ان أعداد الأفراد الذين قام ذاك الشعب بالقضاء عليهم خلال معارك القرن الماضي يفوق أضعاف تعداد الذين قضوا خلال تلك المعارك وقاموا بطرد الشعوب الأصلية من أرضها. ويصحّ المثل القائل: “ضربني وبكى وسبقني واشتكى”!