بقلم: تيماء الجيوش
يتفق معظم السوريين الآن على أن السلم الأهلي هو أولوية الدمار الذي وقع هو غير مسبوق في تاريخ سوريا الحديث . و التحدي الذي يلقي بثقله على عاتق السوريين جميعاً و ربما بمعناه البسيط هو حماية الأفراد و الأسر في الداخل و حماية البلد من التهديد الخارجي.
المفارقة تأتي من أن الهدف واحد لدى معظم السوريين ، لكن طريق التعافي و بكل شفافية لا زال يعاني من تحديات لا تُحصى ولا تُعد، و لا زال العديد يعاني من صدمة القتل و الدماء التي لا تزال ماثلة في الذاكرة القريبة المريرة و حاضرنا مع كل ما ارتكبه نظام الأسد الدكتاتوري من جرائم و مجازر مروعة ، يتوارد مع البحث عن سيادة القانون، تحقيق العدالة ، إنصاف الضحايا و هم بحق ضحايا جرائم ضد الإنسانية ، البحث عن المفقودين و المُغيبين و كل التفاصيل منذ سنين.
التفاؤل له قيمة استثنائية في حياتنا فليس هناك من حالةٍ دائمة وليس هناك من مستحيل . و السلم الأهلي يعني استقراراً ، أمناً و عدلاً يحمي حقوق جميع الأفراد و ايضاً المجتمعات المختلفة و الدول.
يتحقق السلام بدءاً من عوامل عدة منها سياسي و قانوني ، و الأهم هو عامل ذاتي يعكس أخلاقاً و قيماً تبدأ من التعامل بصدق فيما بين الأفراد و تقديم الدعم فيما بينهم . السلم حقيقةً هو منع ممارسات عنفية فردية من أن تتحول إلى منهجية، هو الخروج من عنق زجاجة الحرب و الدماء و الفوضى إلى حالة من الأمن المستتب و عدم العودة إلى ما سبق. حدثت الحروب و الحروب الأهلية و الثورات و الخلاص من الأنظمة القمعية ، علماً انه يبقى مع تعاقب المراحل التاريخية لكل مجتمع ما ينوء به من صعاب و خصائص تجعل من مسألة السلم الأهلي مسألة بالغة التعقيد، لكن ما يجمع هذا كله أنهم أي هذه المجتمعات كان لديها القدرة على بناء السلم لاحقاً ، ابتعدت عن الضغائن و الثارات الشخصية و كان لها ان تنعم بالاستقرار و الرفاهية.
حدث هذا في نظام التمييز العنصري في جنوبي أفريقيا، حدث هذا في رواندا ، حدث هذا قديماً منذ قرنين في الحرب الأهلية الأمريكية، حدث أيضاً مع رحيل الديكتاتور فرانكو في إسبانيا. اعتقد جازمة أن الخطوات الأولى للسلم الأهلي تكون باعتماد ميثاقٍ أهلي يعكس القيم العليا للسوريين جميعاً مع التأكيد على حفظ الذاكرة التاريخية عبر التوثيق وإطلاق البرامج الثقافية و التعليمية التي تُعنى بالقيم والمثل الإنسانية . لكن هل نحن على ثقة من أننا سنستطيع تجاوز ارث النظام الديكتاتوري الذي زرع استقطابًا و طائفية بين الأفراد و المجموعات ؟ هل نحن كسوريين لدينا من الاستعداد كي نُحدث تغيير جذري و حقيقي يختلف عما قام به نظام الأسد الذي لم لا يمُثل سوريا بشيء؟ عرض الحلول لمجتمع سوي؟ الوقت حرج و السوري عليه ان يسبق الزمن في عمله و سعيه. و بالرغم من كل ما تقدم هناك ثقة بالسوري الأصيل الذي يقوم ارثه الحقيقي على المرونة و التسامح و العمل و الكرامة الإنسانية. هناك تجارب الآخرين الذين استطاعوا تجاوز ارث أنظمتهم الديكتاتورية، أفلا تستطيع سوريا ذلك ؟؟