فـريد زمكحل
تناولت تقارير إعلامية أمريكية إسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية ما نقل عن بعض المسئولين المصريين من تحذيرات من أن مصر ستعلّق العمل بمعاهدة السلام مع إسرائيل في حال استمرار التحرك العسكري الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية الواقعة على الحدود الجنوبية مع مصر ، على دفع الفلسطينيين إلى العبور نحو شبه جزيرة سيناء، ذلك في الوقت الذي جاءت فيه تأكيدات من وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري على إلتزام مصر باتفاقية السلام مع إسرائيل، مشدداً على أن القاهرة ظلت تتعامل بفاعلية مع هذه الاتفاقية منذ سريانها من أربعين عاماً، وسوف تستمر في هذا الأمر وأن أي تعليقات خرجت من بعض الأفراد في هذا الشأن ربما تكون قد شُوّهت على حد قوله وعلى الرغم من هذا التأكيد الرسمي المعلن من جانب وزير الخارجية باستمرارية الإلتزام المصري بالمعاهدة المبرمة بين الدولتين منذ عام 1979، إلا أنه لم يمح التساؤلات التي أبرزتها وتداولتها التقارير الإعلامية عما إذا كان الاجتياح العسكري الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية يخرق ويخالف بنود اتفاقية السلام بين الطرفين أم لا ؟ وإذا ما كانت مصر قادرة على تعليقها من عدمه حالياً أو في المستقبل؟
وقد صرح مصدر مصري رفيع المستوى لإحدى القنوات الإخبارية المصرية شبه الرسمية، بأن مصر تتابع عن كثب الموقف في رفح وبأنها على أتم الاستعداد للتعامل مع كل السيناريوهات من دون توضيح المزيد من التفاصيل، في الوقت الذي يربط فيه البعض بين هذه التصريحات وبين إعلان مصر على عزمها الرسمي للتدخل لدعم ومساندة جنوب أفريقيا في الدعوى التي رفعتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وهو ما يُعد مؤشراً واضحاً على توتر العلاقات بين البلدين لو افترضنا وقبلنا وتماشينا مع هذه الفرضية المستبعدة وتؤكدها الأحداث الدائرة على الأرض، خاصة بعدما وصفت مصر هذه الخطوة بأنها تبلورت «في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير متعمد للبنية التحتية في القطاع لدفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أراضيهم وفق ما جاء في البيان الرسمي الصادر عن الخارجية المصرية.
وبإعلان مصر عن هذه الخطوة مع استعدادها لتقديم الدعم القانوني والفني اللازم لدولة جنوب إفريقيا في هذه القضية وفقاً لما جاء على لسان الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والذي أكد على أن الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا تنقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى لمساعدة المحكمة على اتخاذ بعض الإجراءات السريعة لمنع تفاقم هذا النزاع، و المرحلة الثانية بهدف دفع المحكمة للنظر في ذلك النزاع الذي لا يزال قائماً وقد يستغرق عدة سنوات.
وهو الأمر المضحك المبكي في تقديري لعلم الجميع بأن ما يحدث ويدور على الأرض حالياً قد يجهز على هذه القضية وعلى حلم إقامة الدولتين بصورة شبه حقيقية إن لم يتحرك العالم الحر وبقوة لنجدة هذا الشعب وإحقاق حقوقه المشروعة في حياة كريمة حرة في دولته الفلسطينية المستقلة، خاصة بعد المواقف المتخاذلة للقادة العرب للتصدي بقوة وحسم لهذا العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي يستهدف الأرض والعرض والتاريخ والجغرافيا .. ولا حياة لمن تنادي!!