بقلم: فريد زمكحل
الحرب الدائرة في إقليم ناجورنو كاراباخ بين أذربيجان ودولة أرمينيا، تؤكد الدور السياسي التركي لإبادة الأرمن، والذي يتبلور في الدعم التركي الكامل لأذربيجان التي استقبلت على أراضيها اعداداً كبيرة من الإرهابيين القادمين من الشرق الأوسط بواسطة تركيا مؤخراً، للمشاركة في القتال ضد القوات الأرمينية وهم مقاتلون متطرفون أتوا من سوريا دعماً للجيش الأذربيجاني والذي نعتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «بالارهابيين» مؤكداً على تجاوز تركيا للخط الأحمر!
الأمر الذي يتماشى مع التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان لأحد وكالات الأخبار الفرنسية الشهيرة بأن هذه الحرب ليست سوى «استمرار للسياسة التركية في إبادة الأرمن»، مؤكداً على عودة تركيا لجنوب القوقاز لتحقيق هذا الهدف في إشارة ضمنية لما حدث في عهد السلطنة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى من قتلها لنحو مليون ونصف مليون أرمني.
مؤكداً وبشدة بأن بلاده تعتبر «الحاجز الأخير» أمام التمدد التركي الكريه في أوروبا .. وإذا كانت أوروبا غير قادرة على تسمية هذا الوضع باسمه الصحيح فليس أمامها سوى انتظار الزحف التركي لقلب فيينا في إشارة ضمنية أخرى إلى سيطرة السلطنة العثمانية على العاصمة النمساوية في القرن السابع عشر، مبدياً ثقته بالتدخل الروسي المباشر لمساعدة بلاده في حال تعرض أرمينيا لهجوم مباشر على أراضيها إلتزاماً بمعاهدة التحالف العسكري القائم بين البلدين.
ولا أحد يعرف منّ الذي يقف وراء المغامرات العسكرية التركية هنا وهناك، أو الجهة التي تقوم بتدعيمها بالمال والسلاح، خاصة وكلنا يعرف الموقف المتدهور للاقتصاد التركي في السنوات الأخيرة بسبب أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإحياء دولة الخلافة العثمانية «الإسلامية» مرة أخرى أحياناً عن طريق ابتزازه للولايات المتحدة ودول أوروبا من خلال تقارب تركي روسي مزعوم قد يتهاوى إذا فكر أردوغان في توجيه أي ضربات مباشرة للأراضي الأرمينية.
والمتابع الجيد للتحركات التركية في الآونة الأخيرة يكتشف سعي الرئيس التركي لبناء قوة إقليمية في هذه المنطقة من العالم مستغلاً إنشغال الإدارة الأمريكية الحالية بالانتخابات الرئاسية القادمة والتبعيات السلبية التي نجمت عن ثورات الربيع العربي في بعض الدول المجاورة لها.
وإن كنت أعتقد بأن ثلاثة أرباع المشهد السياسي عبارة عن مشاهد تراجيدية في قوالب كوميدية لا تتأثر بوجود كوفيد 19 من عدم وجوده … واللبيبُ بالاشارة يفهم!!