بقلم: سليم خليل
عُقدت معاهدة سايكس- بيكو عام ١٩١٦ بين بريطانيا وفرنسا والحلفاء الذين وضعوا خرائط العالم الجديد بعد الحرب العالمية الأولى وكان لإيطاليا وروسيا حصص من الإمبراطورية العثمانية ؛ ما يهمنا الآن خريطة سوريا ولبنان ، أي حصة فرنسا في توزيع سايكس بيكو :
كان لبريطانيا العظمى نفوذ وسيطرة على الحجاز- السعودية حيث كان الضابط البريطاني لورانس العرب الشهير يحضر لتسليم حكم السعودية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية إلى أسرة الشريف حسين حامي الحرمين الشريفين . لكن الأوضاع تغيرت بعد سيطرة آل سعود على السعودية ورحيل لورانس والأسرة الهاشمية شمالا إلى سوريا ونُصب الملك فيصل إبن الشريف حسين ملكا على العراق وسوريا بنفوذ بريطاني؛ بهذه التطورات كان على فرنسا أن تواجه نفوذ بريطانيا والملك فيصل عند إرسال جيوشها لتحكم سوريا ولبنان .
يروي المؤرخ الكاتب اللبناني – مخايل أبو عينين – هذه الحادثة في كتابه صراع الحزم والظلم صفحة ٢٢٧ ؛ حول محاولة بريطانيا إبقاء سوريا ولبنان تحت سيطرتها بحكم الملك فيصل القادم من السعودية :
- جاء الإنكليز بجيوشهم عام ١٩١٨ وعينوني رئيسا على خمسين جنديا – هنديا- وكلفوني التجول في البقاع وزحلة ونثروا الليرات الإنكليزية بدون حساب ونالني منها نصيبي على قدر وظيفتي ومركزي بين الناس وألبسوني ثوبهم العسكري لكنهم عجزوا عن إلباسي مقاصدهم الخفية نحو وطني لبنان ؛ فتنكرت لهم وعفت وظيفيتي عندهم وأفهمت مواطني ذوي الحل والعقد في لبنان ما عرفته فزادوا حذرا وتحوًطا ، وأمري مشهور يوم أخذت العريضة من حاملها الدكتور يوسف جريصاتي والموقعة من أهالي زحلة التي تطالب بالإنتداب الإنكليزي إلى بيت خليل الهراوي والد الرئيس الياس الهراوي وهناك وقعوا عليها بأختام تطالب
بالإنتداب الفرنسي . في حينه زارت لبنان لجنة أميركية (لجنة كينج وكرين) لاستطلاع الرأي ونظمت مظاهرة طلبت الإنتداب الفرنسي .
يتابع أبو عينين : نحن الموارنة لا نقبل أن يحكمنا أقاربنا العرب الذين جلبهم الإنكليز من الصحراء بجيش هندي وركزوهم في الشام وذروا عليهم الأصفر الرنان ويريدون منا أن نتبعهم ؛ لا يرضى أحد في لبنان بهذا.
بهذه التطورات كان على فرنسا أن تدخل إلى سوريا من لبنان بالقوة العسكرية وواجهت الجيش السوري الغير منظم وبأسلحة قديمة واستشهد القائد يوسف العظمة في معركة ميسلون قرب دمشق وغادر الملك فيصل الذي لقب بالملك فيصل الأول عام ١٩٢١ إلى العراق .
من المفيد الحديث عن الملك فيصل الأول الذي حكم العراق لغاية عام ١٩٣٣ وتسلم الحكم إبنه فيصل الثاني عام ١٩٣٥وفي عهده تشكل حلف بغداد البريطاني الأميركي لمكافحة الإتحاد السوفييتي ولاحقا نفوذ الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) التي كان لها مطامع في لبنان في عهد الرئيس كميل شمعون ١٩٥٢-١٩٥٨ ؛ وكما أكد أحد المؤرخين لا أتذكر اسمه أن العراق (حلف بغداد ) كان قد جهز قوة عسكرية لتَنقل بحرا لمساعدة الرئيس كميل شمعون لإخماد الثورة في لبنان ؛ لكن تلك القوة العسكرية بقيادة اللواء عبد الكريم قاسم انقلبت وهي في بغداد على الحكم الملكي وقَتل الملك ورئيس وزرائه نوري السعيد يوم ١٤
تموز ١٩٥٨ ونتيجة تلك المفاجأة أنزلت الولايات المتحدة في بيروت جيشها للتحكم بالمستجدات والمفاجآت .