بقلم : نعمة الله رياض
ملخص الجزء الأول
عثر علي كبسولة بها إنسان متجمد في المركز السابق لتجميد الموتي بولاية أريزونا. نقلت الكبسولة لمعهد أبحاث في شيكاجو متخصص في الإنعاش وهي لطبيب مصري توفي عام 2008، بسبب إصابته بالسرطان في مرحله متأخرة. نجح المختصون في إعادة الوظائف الحيوية للجسم وأعادوا تأهيله لممارسة حياته . في ندوة تلفزيونية جمعت خبراء في الطب والهندسة والعلوم الإجتماعية، سأله المذيع عن كيفية عملية التجميد التي أجريت له كما سأله الطبيب بدوره عن التقدم في المجال الهندسي , رد عليه الخبير بأنه يتم تدوير المواد المختلفة بطابعات ثلاثيية الأبعاد للحصول علي جسم يطابق المطلوب وسأل الخبير الطبي عن التقدم في محاربة الشيخوخة ,أجابه ، لقد وجد العلماء إمكانية إبطاء عملية الشيخوخة، بتطبيق تكنولوجيا النانو في عكس عملية الشيخوخة. وسأل الخبير الإجتماعي عن وضع الأديان في ذلك العصر..
- لقد ساد السلام في العالم نتيجة تطور الأفكار وطرق التربية وتفهم الناس لجوهر أديانهم. بالإضافة الي الرخاء الإقتصادي العالمي، فإختفت تماما» كافة الحروب الطائفية والنزاعات الدينية، منذ أكثر من قرنين من الزمان، وتفرغ البشر للعمل والإنتاج.
- وما هو وضع الأسرة وعلاقة الرجل والمرأة في عصركم هذا؟
- لقد إختفت تقريبا» معظم الجرائم والمشاكل الجنسية، وذلك بفضل تصنيع روبوتات بمختلف درجات الذكاء، وبيعها باسعار في متناول الجميع، ترضي الرغبات الجنسية سواء للرجل أو المرأة، وهكذا تم الفصل بين الإشباع الجنسي والإنجاب، الذي يتم فيه الإخصاب حتي للمتزوجين خارج رحم المرأة، وذلك تحت إشراف طبي دقيق لضمان مستوي سلامة النسل.
هنا سأل المذيع عامر عمران: - وماذا عن علاقاتك العاطفية أثناء حياتك الأولي؟ هل كانت لك زوجه أو صديقه؟
- لا للأسف فانشغالي بعملي ثم مرضي الذي كان يزحف علي جسدي منعني من الإستمتاع بحياتي، ولكن من ناحية أخري كنت من المعجبين لحد الهوس بممثلة أمريكية مشهوره بأدوار الإغراء، إسمها مارلين مونرو. لقد تابعت كل أفلامها بدون إستثناء.
- ولماذا كنت مهووسا» بها لهذه الدرجة؟
- ليس فقط لإنها كانت نجمة الإغراء والأنوثة الصارخة، بصوتها الناعم المثير وشعرها الأشقر البلاتيني، لكني تعاطفت معها، لإنها كانت تعيسة في حياتها الحقيقية. لقد فشلت في عدة زيجات، وأجهضت عدة مرات ولم تنجب، وانتحرت وعمرها 36 سنة فقط!
- سنطلب من الأرشيف المركزي موافاتنا بمعلومات مفصلة عنها… ها هي بياناتها تظهر علي الشاشة امامنا:
مارلين مونرو: الطول 152 سم، الوزن 53 كجم، دوران الصدر 93 سم، محيط الخصر 59 سم , دوران الأرداف 95 سم وصورة لها من فيلمها المشهور (البعض يفضلونها ساخنة).. الخ، هل تقبل يا سيدي هدية علي نفقة البرنامج؟ - وما هي؟
- يمكننا الحصول علي مجسم كامل لأي إنسان أو حيوان وبأي مقاسات وأوزان من خلال نموزج عام نعدل أبعاده بالكمبيوتر، وهكذا يمكن أن نصنع لك خلال ساعتين فقط من الزمن روبوتا»، لن تستطيع تميزه عن الإنسان العادي لمارلين مونرو ترتدي ردائها الأحمر المشهور، وبمستوي ذكاء تفاعلي من أعلي درجة , ويمكنها التحدث معك في أدق تفاصيل حياتكما!, ويمكنك أن تصحبها من الأستديو لمسكنك لتعيش معك لأي وقت تشاء.
- هل حقا يمكنكم تصنيع روبوت للزوج أو الزوجة أو الإبن إذا رحلوا؟
- بالتأكيد، ويمكننا أيضا تصنيع روبوت لحيوان أليف كالقطة أو الكلب مطابق تماما للحيوان الحقيقي، وهو لا يأكل ولا يشرب وليست له مخلفات , بل يشحن فقط بالكهرباء، وكما إستبدل أسلافنا الجياد بالسيارات، استبدلنا الآن الحيوانات الأليفة بالروبوتات!
بعد انتهاء البرنامج، إنهالت علي شركة تصنيع الروبوتات وفروعها في مختلف الدول، الآف الطلبات لشراء أيقونة الإغراء مارلين مونرو بمختلف درجات ذكائها التفاعلي. وأصبحت صورة روبوت مارلين مونرو تملأ جميع وسائل الإعلان، بإعتبارها موضة لأحدث نسخة روبوتية. مارلين مونرو عام 2538!.
مضي شهران فقط منذ تم إنعاشه، أحس خلالهما بالغربة المخيفة، يعيش في عصر غير عصره. وأناس غير الذين تعود التعامل معهم في حياته السابقة، وفجوة رهيبة في التكنولوجيا ونمط الحياة بين ما يراه اليوم، وبين ما كان يعيش فيه سابقا». كان من الصعب عليه تماما إستيعاب هذه التطورات والإختراعات التي تتوالي بسرعة هائلة، حتي صديقته الروبوت مارلين مونرو، التي تشبه لحد التطابق البشر بحركاتها الطبيعية , وبشرتها الملساء، وشعرها البلاتيني، وصوتها الجذاب، بل وبعطرها المميز، كان يفتقد فيها شيئ لا تستطيع إمتلاكه. الا هو الروح التي خلقها الله في الإنسان.
إتصل برئيس القناة التلفزيونية التي تتولي الصرف عليه وتحتكر في المقابل أخباره، وأبلغه بعزمه علي التخلص من حياته. إندهش رئيس القناه للغاية، لكنه أخبره إن من حقه التخلص من حياته طبقا» للقوانين السارية، لكن يلزم عليه ملئ نمازج الكترونية مختصة بذلك لإتخاذ اللازم.
إبتسم وقال لنفسة في سخرية: حتي الإنتحار أصبح له قواعد وتعليمات في عصر كهذا !!!..