بقلم: خالد بنيصغي
انتهت المُهْلَة المخصصة لمراجعة مدونة الأسرة المغربية في انتظار الحسم من جلالة الملك محمد السادس باعتباره أمير المؤمنين وقائد البلاد ، ومن الطبيعي جدا أن تخلق جدلا واسعا بين رافض لأي تغيير فيها ، وبين من يريد لها أن تتغير جذريا بطمس الهوية الإسلامية للمملكة المغربية ، وبين رافض حتى لطرحها بهذا الشكل من أجل مراجعتها ويرى في ذلك تصرف وقح وفيه عدم التأدب مع الله عز وجل .
ونحن في هذا الكتاب لن نعود للخوض في هذا الجدل الذي ظل يصاحبها لمدة تزيد عن ستة أشهر ، وإنما سنحاول أن نطرح أهم النقاط التي نراها تحول دون تغييرها حسب المعطيات وحسب مقومات وركائز الدولة المغربية ذلك التغيير الجذري الذي ينشده العلمانيون المغاربة ، وذلك حسب الأسباب المرجعية التالية :
. في الدستور المغربي يكون الإسلام دين الدولة المغربية ، فيما تبقى العربية هي اللغة الرسمية للبلاد إضافة إلى الأمازيغية .
. يعتبر الملك هو أمير المؤمنين وحامي حمى المِلَّة والدين ، وهو الأمر الذي يجعل من جلالته الفيصل في أمور الدولة والدين ، وقد صرَّحَ بما لا يدعو مجالاً للشك أنه لا يُحل حراماً ولا يحرِّمُ حلالاً ، وهذه رسالة قوية إلى كل أطياف المجتمع المغربي والتي لا تحتاج إلى أي تأويل أو اجتهاد .
. شعار المملكة المغربية الخالد ( الله – الوطن – الملك ) وهي مقدسة عند كل مغربي حر ، ويستطيع أن يقدم حياته من أجلها ، فالله للعبادة والقرآن كلامه عز وجل ، وهو من أهم مقدسات المغاربة ، والوطن للسيادة وهو الأمر الواضح ليس فقط للمغاربة بل وللعالم أجمع ، ويكفينا مثالاً قضيتنا الوطنية الأولى في الوقت الراهن وهي الصحراء المغربية التي تجاوزت عند المغاربة أنها تعدو مسألة حدود بل هي مسألة وجود ، والملك للقيادة وهو رمز الملكية المترسخة لقرون خلت ( اثنا عشر قرنا ) بنجاحات باهرة على امتداد التاريخ المغربي الذي لن ينسى عظمة ملوكه وسلاطينه ، كما يسجل بمداد الفخر ما يعيشه اليوم في ظل سياسة حكيمة للملك الهمام محمد السادس من ازدهار في جميع المجالات والميادين .
. حرص المغاربة الدائم على صون كرامتهم في حياتهم كلها ، فدينهم خط أحمر ، ووطنهم خط أحمر ، وملكهم خط أحمر ، ولا مجال للعبث في هذه الأمور التي لا تقبل العبث .
وبهذا نعتقد أن المغرب – وبرغم المعيقات الكونية وخطابات المواثيق الدولية وحقوق الإنسان وغيرها – لا يمكنها أن تأتي فوق مصالحنا الدينية والوطنية والملكية ، ونعتقد بما لا يدعو مجالاً للشك أن القرآن الكريم نص على الحقوق الإنسانية كاملة في أبهى الصور وأَجَلّهَا ، ولذلك يجب أن تَحْتَرِم مدونة الأسرة مبادئ ديننا الحنيف لأنه هو السبيل الأوحد لتستقيم أمور المملكة المغربية ، وتسير باطمئنان تام نحو النجاح في الدنيا والآخرة ، والإسلام الذي هو دين الدولة المغربية كامل إلى أن تقوم الساعة ، مصداقاً لقوله تعالى : “ اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا “ .. دمتم بود .