بقلم: تيماء الجيوش
في كل بلدٍ على حدة وعلى اختلاف النظم الحاكمة فيها ، يبقى تقدم المرأة للمشاركة السياسية عموماً يتقاطع متشابهاً في كثير من الصعوبات و العوائق التي تدفع بالنساء بعيداً عن مركز القرار و صنعه. و بالرغم من غياب الأرقام الدقيقة التي توضح المساحة الخاصة بمشاركة المرأة السياسية والتشريعية على الصعيد العالمي، إلا أنه بات ملاحظاً أن النساء تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يواجهن من تهديد و إساءات مختلفة وجدت مرتعاً خصباً لها مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والتي قد تتجاوز هذا الحيز النظري لتصبح اعتداءً أو فعلاً جرمياً ينال منهن أو من أفراد عوائلهن.
بالتأكيد يحدث هذا للرجال ايضاً في عالم السياسة ،و بروز التيارات المتشددة في ظل اختلاف المنابت والتوجهات السياسية و الأيديولوجية هذه أو تلك و الغلو فيها مع الابتعاد عن المنطق و ما تعنيه الديمقراطية حقاً، لكن الأمر يصبح مضاعفاً في حال أن تكون امرأة في عالم السياسة لاسيما عندما تتولى منصباً حكومياً ، أو تتقدم لتقلدّه ، وكأن صفتها الجندرية تصبح مُحفزاً لمزيد من العنف اللفظي و الإساءة والتهديد الذي يزداد تصاعدياً مضطرداً مع المنصب الذي تعمل به ومن خلاله. هذا يثير دهشة الكثيرين لأنه لا يستقيم و التطور الحضاري و المدني للمجتمعات في وقتنا الحالي و كل ما تمّ انجازه في ظل بناء مجتمعات إنسانية و التي ما فتئت تنوّه بان مشاركة المرأة هي دليل على مدى تطورها .
شددّ على هذا المبدأ العديد من المفكرين و الأدباء والفلاسفة والسياسيين أفراداً و أحزاباً و نحوا إلى أن كل مجتمع لا تستقيم مدنيته مع تجاهل النساء و دورهن. من ينظر إلى العقود الماضية سيجد أن مسيرة المرأة لم تكن بالهينة أبداً، بدئاً من مواجهتها لصعابٍ و عوائق بنيوية أوجدتها ثقافة مجتمعية ، القانون و التشريع الذي نال و بشراسة حقوقاً أساسية منها عقد العمل ، الزواج، حق الطلاق ، الجنسية حيث حرص في عديد من المواضع على التمييز في الأجور، عدم المساندة في رعاية الطفل، إقصاء المرأة عن مهنٍ بعينها، الامتناع عن منحها حقها الطبيعي في تطورها المهني و عدم تقلدها مراكز رفيعة .
لا نغالي القول أن القانون و الثقافة المجتمعية أوجدت بنية تحتية من قيم تمييزية ضد المرأة كرّست انها جسدياً و فكرياً محدودة القدرات ، و الأمثلة عديدة. انعكس هذا و بشكلٍ مباشر على مواقعها المهنية فوفقاً لهذه القيم المناهضة للمرأة فهي أي المرأة عاجزة عن اتخاذ قرارٍ هام سواء كان سياسي، امني أو عسكري ، و لو تم مسح سريع في أي بلد لعدد النساء اللواتي تولين وزارات سيادية كالخارجية، الدفاع، المالية ، سنجد أنهن معدودات. أرقام الأمم المتحدة والتي تعود إلى الأول من حزيران / يونيو للعام ٢٠٢٤ أشارت إلى أن هناك ٢٧ دولة تترأس المرأة فيها السلطة السياسية او الحكومات و هذا لا يتسق في أفضل حالته مع ما ترمي إليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من الوصول إلى المساواة الجندرية في المشاركة السياسية للمرأة التي لن تتحقق بحسب الأمم المتحدة إلا بعد ١٣٠ عاماً من الآن.
و هذا ما يثير قلقاً عميقاً نظراً للفارق الذي تحدثه مشاركة المرأة. والتي تأتي أهميتها من أنها
1 – تساعد في تعزيز المساواة بين الجنسين
2 – وتؤثر على مجموعة القضايا السياسية التي يتم النظر فيها وأنواع الحلول المقترحة
3 – تختلف الأولويات السياسية لدى المرأة عن الرجل ، والتوازن أساسي فمن الضروري أن تكون المرأة حاضرة في السياسة لتمثيل قضايا النساء وغيرهن من الناخبين المهمشين.
4 – كما أن المشاركة السياسية النسوية تعزز في الدفع ايجاباً بعملية صنع السياسات والحكم واختلاف الاستجابة كماً ونوعاً. ٥-تساعد الديمقراطية في تحقيق اهدافها. ٦-المرأة و تعزيز مكانتها و مشاركتها هي اهم الوسائل للتنمية و التقدم المجتمعي و الاقتصادي . و مع انتخاب المزيد من النساء ، تضيف و تكتمل السياسات بأبعاد تؤكد على الحياة الكريمة و تتبنى أولويات الأفراد ، الأسر والنساء والأقليات العرقية والإثنية و تجعلها جزءاً من الحياة اليومية . هل يمكن للعالم أن يضيع فرصاً ثمينة و موارد هامة عبر تجاهل دور النساء، ومواهبهم و ما يمتلكن من خصال في القيادة السياسية ؟ هل هو من الذكاء السياسي والمجتمعي انتظار ١٣٠ عاماً؟