بقلم: بشــير القــزّي
خلق الله كائناته وقام بتوزيعها على الأقطار كافة وجعل لكلٍ منها موطناً يتماشى مع ما يقتاتُه ويُغذّيه وقد جاء كلّ كائنٍ مثوّباً بزيٍّ يميّزه عن غيره من الكائنات ويحميه من تقلّبات الطقس والمناخ في المنطقة التي تحتضنه! أمّا بعض المخلوقات، ومن بينها فصائل من الطيور، فلم تكن لتكفيها الكسوة التي جاءت بها، لذا نجدها في سفر مستديم للّحاق بالفصول التي تناسب تكوينها!
أمّا ابن آدم فقد جاء عارياً من أيّ ملبس يحمي جسده من قساوة الطقس وتقلّباته الحراريّة وتنقّله من مناخٍ إلى آخر! فكان تحرّكه ببطءٍ نسبي يجعله غير قادرٍ على السفر بين منطقة وأخرى لمواكبة التغيّرات الطقسية! لذا نجده منذ البدء لجأ إلى تغطية الأماكن الحسّاسة من جسمه بوسائلَ شتّى تنوّعت من أوراق الشجر التي كان يصادفها في الطبيعة، إلى سلخ جلود الحيوانات التي كان يصطادها، إمّا لاستهلاكها أو لدرء شرّها! ومع الزمن تمكّن من تصنيع ملابس تُسهّلُ ارتداءها أوخلعها وتطوَّر الوضع إلى ان ادخل الألوان على ما كان يُصنّعه فأصبح النتاج، إلى جانب كونه يقيه من التقلبات الطقسية، آداة للتحلّي والتزيّن في المجتمع الذي كان يعيش فيه! وإذ كانت كلّ مجموعة أو قبيلة تعيش منعزلة عن غيرها، لذا كنا نجد كلّاً منها يلبس زيّا يتميّز عن غيره ممّا سهّل التعرف على هويّة الشخص وانتمائه لمجرد رؤية ما يرتديه!
ومع الزمن تطوّر ملبسُ الإنسان إلى التمييز بين ما يرتديه الرجل وما ما ترتديه المرأة وإلى ما يرتديه رؤساء تلك العشائر والقيّمين على المجموعة!
ومع تقدم الوقت والتوصّل إلى إنتاج أقمشة ومواد تُسَهّل تفصيل الألبسة، ارتأى بعض الفرقاء ان تغطية الجسم هي ممّا يطلبه الخالق من خلقه وهي احترامٌ له وتقديرٌ لمقامه. وهكذا تطوّر شكلُا لملبوسات وألوانها إلى ألبسة دينية تفوق أهميّتها تلك التي تتماشى مع تغيّر المناخ وتقلّب الطقس!
وإذ ان الله، عزّ وجل، زوّد كلّ مخلوقٍ حيواني بلباسٍ يُميّزه عن غيره وهو جزء من جسمه لا يخلعه متى يشاء وعليه ان يعيش فيه في أي مكان يتواجد فيه، وهو يغتسل به دون خلعه بعكس الانسان الذي لا يستطيع فعل ذلك إلا بعد التجرّد من ملبسه بالكامل! وهنا يجدر بنا طرح بعض الأسئلة التي لا نجد الإجابة عليها:
• لو كانت إرادة الله كساء جسم الإنسان بزيّ معيّن، أما كان بمقدوره فعل ذلك في لحظة خلق الإنسان ، وهو القادر القدير؟
• مهما تقدّم مصمّمو الأزياء بتصاميمهم ، أما نجدُهم بعيدين عن مقاربة ما خصّ به الربُّ مخلوقاته، وعلى سبيل المثال شكل الديك او لبدة الأسد او حتى جلد الأفعى التي نخشى لدغها ؟
• لو أراد الخالق إخفاء قطعة من جسدنا ، أكان عاجزاً عن فعل ذلك بشكل جميل لدى نزولنا إلى هذه الدنيا؟
• أهل نظن أننا بتغطية جزء من جسمنا نخفي ذاك الجزء عن ربّنا وهو القادر الذي يرانا بالكامل وليس بإمكاننا إخفاء شيء عليه؟
• لو كان الله قد استصعب تغطية أجسادنا وطلب منّا فعل ذلك بالنيابة عنه، فلماذا هذا التخالف في الأزياء التي نجدها في أقطار البلاد كافة؟
• هل بإمكاننا الادعاء دون أدنى شك أن لباساً معينا هو ما أراده الله لنا؟
والله أعلم!