بقلم: بشــير القــزّي
يصدف صدور الجزء الثامن من ذكريات عقد قراني مع مناسبة عيد العشق الذي يتمّ إحياؤه في أغلب بلدان العالم!
ما ان شرعتُ بكتابة النص حتى تذكّرت كيف اختفى اللون من وجهي عندما أعلمني المسؤول عن الحجوزات بأنه لا يوجد لدى الفندق أيّ حجز لغرفة باسمي! كانت الشمس قد قاربت على الاختفاء وراء أفق البحر ولم يكن بمقدوري التكهّن أين سأقضي ليلتي الأولى مع عروسي! هل سأذهب وأدقّ على أبواب الفنادق لأجد غرفة فارغة نبيت فيها تلك الليلة؟
ثمّ تراءى لي أن أسأل ذاك المسؤول: “هل هذا يعنى أن كلّ الغرف ملأى بالزبائن ولا توجد أيّة غرفة فارغة؟” أجاب: “لا! لدينا غرف فارغة إنما لا توجد غرفة محجوزة باسمك!” عندئذٍ خَفَّتْ حدّة توتّري فانتقيت إحدى أفضل الغرف المتوفّرة لديهم. ما ان تمّ نقلنا إليها مع أمتعتنا حتى ارتمت ميشا بثيابها على السرير ووقعت في سبات عميق من كثرة الإرهاق ولم تستفق حتى صباح اليوم التالي!
لدى استيقاظنا اتصلتُ بالخدمة وطلبتُ إحضار القهوة مرفقة بالترويقة لكلينا. وما ان تمّ استحضار الطلبيّة إلى الغرفة وبدأنا بارتشاف القهوة إلى جانب تناول الترويقة حتى رن هاتف الغرفة. رفعتُ السمّاعة وإذ تجيبني على الطرف الثاني “ريموند”، أخت “ميشا”. كانت برفقة ابنة خالتها “فوفا” وصديقتها “فاديا”. قالت نحن في الفندق وقد أحضرنا لكما ترويقة كنافة بالجبن!
بعد ان تناولنا الكنافة جلسنا لارتشاف القهوة على المقاعد البحرية حول المسبح وكانت الفتيات قد ارتدين البسة السباحة. وما كنّا نتأمّل المنظر البديع للجبال المطلّة والتي تنحدر نحو الشاطئ الذي يحيط به البحر الجميل بلونه وأمواجه حتى سمعنا أصوات طائرات حربيّة تحلّق على علوٍّ منخفض. وفجأة اندلعت أصوات مدافع رشّاشة مضادة للطائرات مركّزة على مقربة من المكان الذي كنّا نجلس فيه! ارتبك الجميع وهمّ المتشمّسون بالفرار بمختلف الاتجاهات. أمّا زائراتنا فكنّ على عجلة اكثر من غيرهنّ خوفاً من ان تقفل الطرقات!
بعد ظهر ذاك اليوم حضر والدايَ برفقة أخي صلاح وقام الجميع بتقديم التهنئة مجدّداً لنا. وإذ كنّا نهيّء نفسنا للسفر في اليوم التالي إلى روما لتمضية “شهر العسل”، قمتُ بتسليم السيارة التي حضرنا بها إلى أخي صلاح.
ذاك المساء قصدنا الملهى الموجود في ذاك الفندق. كان الحضور ضعيفاً رغم الموسيقى الصاخبة التي كانت تملأُ الأجواء. أمّا ما كان يثير عدم الارتياح فكان وجود رجلين، كلٌّ على طاولة مستقلّة، يبدو كلٌّ منهما وكأنّه تابعٌ لفرع المخابرات! لم نمكث طويلاً في الملهى وعدنا الى الغرفة بانتظار السفر في اليوم التالي.
أمّا ما حدث خلال السفرة فساسرده في الجزء التاسع من الذكريات…