شهد مهرجان أبوظبي السينمائي عرض فيلمين يتناولان قضية التشدد الديني من منظورين مختلفين.
الفيلم الأول هو (دروب الصليب) الذي كتبه الألماني ديتريتش بروجمان وشقيقته آنا بروجمان ويضم 14 درباً أو محطة تمر بها بطلة الفيلم. وهي تلميذة صغيرة تحمل قدراً كبيراً من التشدد .
ما يجعلها تعتزل زملاءها في المدرسة ولا تشارك في حصة الرياضة البدنية بحجة وجود موسيقى “وهي من عمل الشيطان” حتى لو اقتصرت على ضبط إيقاع الحركة. وباستثناء الموسيقى في مشاهد حصة الرياضة البدنية، يخلو الفيلم من الموسيقى.
ولكن الحوار المكتوب بحرفية عالية يأسر المشاهد الذي يظل مشدوداً إلى الدراما منذ المشهد الأول. وفيه يتولى رجل دين تعليم الأطفال كيفية الإقتداء بما يراه تعاليم السيد المسيح عن الخلاص والفضيلة والمعصية.
ولم يكن رجل الدين تقليدياً متجهماً، بل شابًا وسيماً قوي الحجة قادراً على الإقناع فلا تملك التلميذة إلا الاستجابة لتعاليمه.
وفي المنزل كانت الأم أكثر تشدداً حيث تحيط ابنتها المراهقة بصرامة التزمت وتحذرها الوقوع في الـ”ضلالات” ومنها الموسيقى.
وتعتبر بطلة الفيلم المراهقة نفسها في مهمة دينية لا تقل عن مهمة المسيح فتعيش حياتها حذرة من “الشهوات” التي لم تفكر فيها ولكنها تواصل الاعتراف والقسوة على النفس وعلى الآخرين.
أما فيلم “تمبكتو” الذي كتبه المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو وكيسن تال يستعرض طوال 100 دقيقة كيف لا يرى المتشددون في الدين إلا المنع فيحرمون السجائر وكرة القدم والموسيقى والغناء كما يفرضون على النساء الحجاب ولبس القفاز.
ويبرز الفيلم كيف كان الأهالي يتغلبون على الطبيعة الصحراوية القاسية في (تمبكتو) بالغناء والموسيقى ومتع الحياة البسيطة ولكن سيطرة المتشددين عليها جعلت كثيرين يفرون وبقي المغلوبون على أمرهم.
ويحمل الفيلم الأوجاع الإنسانية لبسطاء مسالمين يعيشون في هذه البقعة بإفريقيا وكيف تتحول حياتهم إلى جحيم باسم الدين الذي يبرئه الفيلم من سلوك المتشددين.