بقلم: عادل عطية
«البقاء للأقوى».. صوت عالٍ، يأتي من نزعةكبرياء قومية متشددة، ويترددصداه المرعب في كل انحاء العالم، ويحيط بنا كالدائرة!
«البقاء للأقوى».. هو الاسم الآخر لشريعة الغاب، التي تؤدي بنا إلى العيش على ركام الفوضى، والتدمير، والتضحية بمن لا نحب!
قال مبشرو الكوارث: «من يملك القوة يسنّ القوانين»!
وقد سن بعضهم حروباً أنتجت القبور، على أتفه الأسباب، ذكر التاريخ بعضها، على استحياء، متخطياً الأسوأ، ومتجاهلاً مشاعر الاستياء:
.. حرب: «داحس والغبراء»، التي دارت رحاها على مدى أربعين عاماً على أرض نجد بين فرعين من قبيلة غطفان، بسبب حصان اسمه: «داحس»، وفرس اسمه: «الغبراء»!
.. وحرب: «البسوس»، التي استمرت من الزمن مثل سابقتها، بين قبيلتي بكر وتغلب، بسبب ناقة لامرأة أسمها: «البسوس بنت منقذ»!
.. والحرب التي اندلعت بين بوليفيا وباراجواي، وبيناليابان وكوريا، بسبب طوابع البريد!
البقاء لن يكون للأقوى، كما زعم داروين، محاولاً تمرير نظريته الخاطئة، وغرسها في بعض العقول!
وكما يحاول مبتكرو الألعاب الحاسوبية، أن نستمتع بها تحت شعار کاذب: «اقتل كل من يواجهك للنهاية؛ لكي تكون الأقوى»!
وكما يحاول البعض، آن يهددنا بأسلحتها الخسيسة، لكي نخضع لهم، ونستكين!
إنما البقاء لكل الأجناس، ولكل الكائنات الحية، على ضعفها، لأنها جميعا خليفة الله، وفي رعايته، وفي حفظه!
البقاء للعقول الخلاقة، التي تتمتع بالحكمة، وبالذكاء، وللقلوب المتحضرة، التي تعرف كيف تبادل الشعور بأعمق منه، والحب بأغزر منه، والمودة بأعذب منها!
البقاء للنفوس، التي تعشق الحياة؛ فتعمل لأجل الخير، وتترك ما للغاب للغاب، وما للإنسانية للإنسانية!…