بقلم: سونيا الحداد
اول شيء نتعلمه منذ أن يصبح عقلنا يستوعب الجملة، هو ان الله هو خالق الكون وكل ما يحويه من نبات، حيوان وانسان. وان الله هو الازلي، المتعالي، الثابت، المنزه عن الزمان والمكان. نتعلم أيضا أنه النور الالهي الذي خلقنا جميعا دون استثناء، على مثاله وصورته، حسب الاديان المسماة بالسماوية! . وأيضا إن الله الخالق، يحبنا حبًا شخصيًا، حبًا جارفًا وصادقًا، حبًا يتجاوز خياناتنا البشرية وخطايانا.
ولكن ماذا فعلنا نحن البشر لنمثل هذه الصورة الالهية التي تصم آذاننا لسماعها ليلا نهارا؟ قسّمنا البشرية الى أنواع، الى كونتونات، الى طوائف وأحزاب دينية وعرقية، الى كفار ومؤمنين والى كل ما يمكن للعقل تصوره من صفات وعناوين. جملة لفتت نظري أدت بي الى طرح اسئلة عديدة دفعتني الى كتابة مقالتي هذا تعبيرا عن حيرة تتملكني ساعة اقرأ هذا النوع من الشعارات الذي يردد بشكل تلقائي دون حتى التفكير به. هذه الجملة هي التالية:»سلامي لكم يا أشرف امة على الارض». أشرف امة على الارض!… لماذا؟ السنا جميعا ابناء الله الخالق؟ وماذا عن غير المؤمنين بالله بالرغم من انهم ابنائه وهم على صورته ايضا، أليسوا شرفاء؟. أنا في القرن الواحد والعشرين، انا التي تعرف القراءة والكتابة وتعلمت في المدارس والجامعات، انا التي هي على اتصال دائم عبر الانترنيت، ارى وأقرأ كل ما حدث ويحدث وما سيحدث في العالم، كيف يمكن لي أن اتبنى هكذا شعارات؟ انها شعارات فارغة تخلق الاحساس بأن المتكلم يعتبر نفسه ارقى من الغير وافضل منهم… الم يحن الاوان الى شيء من التواضع ومخافة الله الذي خلقنا لكي نتنعم بالحياة بالمساواة الكلية كوننا ابناءه؟ الم يحن الوقت لكي نستفيق وننظر حولنا لمعرفة ما يجري في العالم وانجازاته؟ لكي نتعرف على صورة الاب الحقيقية؟ الا وهي في الانفتاح والتطور اليومي وفي التساوي الكلي مع جميع البشر كوننا ابناء هذه الارض؟ متى سنتوقف عن تصوير الله كزعيم قبيلة، يقرّب من يريد اليه ويحجّم من لا يتفق معه او يرديه بالنار والعذاب الابدي؟
ايها السادة، اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله. لنعمل على ترقية ذاتنا المنفردة والتي نأتي بها الى العالم ولنكف عن الحكم على الاخرين تحت حجة القوانين الالهية نحن افراد البشر نريد الحكم بها وتنفيذها، ولنترك لله عمله… اشرف الناس هو الذي لا يسرق ولا يكذب ولا يقتل ولا يحرض على القسمة والتفرقة واللائحة طويلة… الشريف يُعرف من ثمرة اعماله دون العودة الى دينه او عرقه او شكله او اي مصدر آخر. لا يهمني ان كان متدينا ام لا، مثليا أم لا، ملكًا أم فقيرًا، ما يهمني هو فقط أعماله وهذا ما سيُحاسب عليه في حال كان هناك أي حساب!
ماذا فعلت هذه الامة كي تكون الاشرف؟
ارى ان جميع بلدان هذه الامة يهرب أهلها الى الخارج طلبا لحياة أفضل، لحرية أكبر او هربا من الظلم والاستبداد ببنيها. هربا من مجتمعات قائمة على المكر والخبث وكل شيء يتم بالخفاء هربا من ظلم الدين والمتدينين، من فحش السياسيين . هربا من الفقر والحرمان حيث انهم مجبرون على تلمس الواسطات للحصول على العلم، الطبابة والوظيفة والى آخره من أدنى حقوق الانسان. يهربون الى بلدان اثبتت انها اشرف بكثير كونها تحوي جميع الأمم والمخلوقات تحت مظلة العدل والمساواة، حيث انها تطبق تلقائيا بعلمانيتها، كل الشروط التي تتوافق مع وصايا الله وصورته. هذه الامم فهمت روح الله الحقيقية المزروعة في كل انسان، تحترمها وتحميها من الشعوذات التي رافقت الانسان منذ ابتداع فكرة الديانات السماوية…
لننظر الى العالم بعين المحبة والانفتاح والصدق الكلي في التعايش مع الاخر، لنتعلم التواضع الحقيقي ولنبتعد عن هذه الشعارات التي تزرع الخوف من الاخر والفرقة بين الامم. كفوا عن خلق اله على صورتكم انتم ولننظر الى العالم بعين الله ولا نفرق بين ابنائه…فالله يقول لكم أنه ليس زعيما لاي قبيلة، انه الاب الروحي لمن يريد الإيمان به وأيضًا لمن لا يؤمن حتي بوجوده. فبالله عليكم دعوه بسلام كي لا يكفر هو ايضا ويندم على انه خلقنا يوما!