بقلم: سليم خليل
منذ اختراع المصباح الكهربائي في مطلع القرن الماضي من قبل العالِم الشهير توماس أديسون وعلوم الأشعة والضوء في تطور مستمر وأصبحت الأشعة الضوئية مجالا علميا هائلا متكاملا يشمل حياتنا اليومية من إستعمالها في الإنارة المنزلية والمدنية إلى عالم الطب والفضاء والحروب إلخ إلخ..
بعد المصباح الكهربائي العادي الذي يبعث أشعة الضوء بواسطة الشريط المعدني داخل المصباح إخترع العلماء الأنابيب الضوئية التي تشع بواسطة بخار الزئبق وكان هذا الإختراع ثورة علمية لأن أشعته كانت مريحة للنظر أكثر من مصباح أديسون وتعمم إستعمال هذه الأنابيب لتحل مكان مصابيح أديسون في عدة مجالات .
الإختراعات في مجال الأشعة في تطور مستمر وبدأ العلماء بإكتشاف الألوان الضوئية وكل لون له مجالاته وخواصه وبقي إنتاج الأشعة الزرقاء الأصعب واعتبر مستحيلا لفشل كافة المختبرات في إنتاجه؛ لكن العالم الياباني شوجي ناكامورا تجاوز كافة الصعوبات والتحديات بعناده ومثابرته على إجراء مئات التجارب ليحقق المستحيل .
ولد ناكامورو عام ١٩٥٤ وتخرج مهندسا في الإليكترون عام ١٩٧٧ في اليابان ؛ بعد إختراعه لأشعة LED التي ترجمت ب : “الصمام الثنائي الباعث للضوء “ تسلم عام١٩٩٣ منصب إستاذ في جامعة سانتا باربرا في كاليفورنيا الولايات المتحدة .
كان شوجي ناكامورو يعمل في شركة نيشيا اليابانية ذات إمكانيات محدودة وكان مالك الشركة متشجعا ومقتنعا بأهمية الأفكار المطروحة بالرغم من المحاولات الفاشلة . بعد وفاة مالك الشركة أوقف إبنه تمويل المشروع بعد استمرار الفشل ؛ لكن ناكامورو تابع في أوقات عطلة الأسبوع وأيام الفراغ وعلى نفقته بإمكانيات محدودة لمدة سنتين إلى أن حقق نجاحه في إنتاج الأشعة الزرقاء بإستعماله خليط من الألوان وبطرق معقدة جدا .
بعد بدأ الإنتاج تطورت شركة نيشيا بسرعة هائلة وارتفعت قيمتها من عشرين بليون دولار إلى سبعين بيليون دولار .
تسارعت الشركات والمؤسسات في السباق في إنتاج واستعمال الأشعة الزرقاء التي احتلت كافة المجالات من الإنارة إلى شاشات التلفزيون وشاشات الكمبيوتر والهواتف وشاشات الأفران الكهربائية والمايكروويف والسيارات إلخ إلخ .
عام ٢٠١٤ منح شوجي ناكامورو جائزة نوبل لعلوم الفيزياء مشاركة مع العالمين إيسامو آكازاكي وأمانو هيروشي تكريما لعظمة إختراعهم لأشعة LED المريحة للنظروالأقل استهلاكا للكهرباء والتي نوَّرت حياتنا؛ كما أن عناد المخترع ناكامورو يعطينا الدرس والبرهان بأن لا شيء مستحيل في المثابرة والصبر والإستمرار بعد الفشل .